233

حاشية شيخ الإسلام زكريا الأنصاري على شرح جمع الجوامع

حاشية شيخ الإسلام زكريا الأنصاري على شرح جمع الجوامع

اصناف

قالا وما يظن مجازا نحو رأيت أسدا يرمي فحقيقة.» و«خلافا» للظاهرية «في نفيهم وقوعه» في الكتاب والسنة «، قالوا: لأنه كذب بحسب الظاهر، كما في قولك في البليد: هذا حمار، وكلام الله ورسوله منزه عن الكذب.

وأجيب: بأنه لا كذب مع اعتبار العلاقة، وهي في ما ذكر المشابهة في الصفة الظاهرة، أي عدم الفهم.

أسباب العدول إلى المجاز

صاحب المتن: وإنما يعدل إليه، لثقل الحقيقة، أو بشاعتها، أو جهلها، أو بلاغته، أو شهرته، أو غير ذلك،

الشارح:» وإنما يعدل إليه «أي إلى المجاز عن الحقيقة الأصل،» لثقل الحقيقة «على اللسان، كالخنفقيق: اسم للداهية، يعدل عنه إلى الموت مثلا» أو بشاعتها «كالخراءة، يعدل عنها إلى الغائط، وحقيقته المكان المنخفض،» أو جهلها «للمتكلم أو للمخاطب دون المجاز،» أو بلاغته «نحو: زيد أسد فإنه أبلغ من شجاع،» أوشهرته «دون الحقيقة،» أو غير ذلك «، كإخفاء المراد عن -غير المتخاطبين- الجاهل بالمجاز، دون الحقيقة، وكإقامة الوزن والقافية والسجع به، دون الحقيقة.

المحشي: قوله:» كالخنفقيق «هو بمعجمة مفتوحة، ثم نون ساكنة، ثم فاء مفتوحة، ثم قاف مكسورة بعدها ياء ساكنة ثم قاف.

قوله:» إلى الموت مثلا «أي كالنائبة والحادثة.

المجاز ليس غالبا على اللغات

صاحب المتن: وليس غالبا على اللغات خلافا لابن جني،

الشارح:» وليس «المجاز» غالبا على اللغات، خلافا لابن جني «، بسكون الياء، معرب كني، بين الكاف والجيم في قوله: إنه غالب في كل لغة على الحقيقة، أي ما من لفظ، إلا ويستعمل في الغالب على مجاز،

المحشي: قوله:» خلافا لابن جني بسكون الياء معرب كني «أي فليست الياء للنسبة.

قوله:» أي ما من لفظ، إلا ويشتمل في الغالب على مجاز «لا يخفى أن هذا لا يوفي بمدعي ابن جني، من أن المجاز غالب على الحقيقة، لصدقه بمساواتهما.

الشارح: تقول مثلا: رأيت زيدا وضربته، والمرئي والمضروب بعضه، وإن كان يتألم بالضرب كله.

المحشي: فالأولى الاستدلال بالثاني، أو بما استدل به الإمام في المحصول: «من أن قام زيد مفيد للمصدر، وهو يشمل جميع أفراده، لكن رده بأنه ركيك، لأن المصدر لا يدل على أفراد الماهية، بل على القدر المشترك».

قوله:» وإن كان يتألم بالضرب كله «أي فإنه لا يمنع اشتمال ضربت زيدا على المجاز، من حيث إن المضروب بعضه لا كله، لأن الكلام في نسبة الضرب، الذي هو إمساس الجسم بالآلة، لا في نسبة التألم، الذي هو أثر الإمساس.

صاحب المتن: ولا معتمدا حيث تستحيل الحقيقة، خلافا لأبي حنيفة.

الشارح:» ولا معتمدا حيث تستحيل الحقيقة، خلافا لأبي حنيفة «، في قوله بذلك، حيث قال، فيمن قال لعبده الذي لا يولد مثله لمثله: هذا ابني، إنه يعتق عليه، وإن لم ينو العتق، الذي هو لازم للبنوة، صونا للكلام عن الإلغاء، وألغيناه -كصاحبيه- إذ لا ضرورة إلى تصحيحه بما ذكر.

أما إذا كان مثل العبد يولد لمثل السيد، فإنه يعتق عليه اتفاقا إن لم يكن معروف النسب من غيره، وإن كان كذلك فأصح الوجهين عندنا، كقولهم: إنه يعتق عليه مؤاخذة باللازم، وإن لم يثبت الملزوم.

المحشي: قوله:» ولا معتمدا «أي عليه في العمل.

قوله:» إذ لا ضرورة إلى تصحيحه بما ذكر «، أي لجواز تصحيحه بغير العتق، كالشفقة والحنو، ولك أن تقول: هذا أيضا مجاز ، فلا يتم قولهم» ولا معتمدا حيث تستحيل الحقيقة «بهذا الدليل، إلا أن يقال قوله:» بما ذكر «ليس للاحتراز بل لحكاية كلام المخالف، بقرينة قوله:» وألغيناه «.

صفحہ 235