ودليل آخر: أن الصورة قد علمنا علما ضروريا أنها حادثة -لكونها بعد أن لم تكن- بالمشاهدة؛ لأن النطفة لا صورة فيها؛ ثم كذلك العلقة والمضغة، ليس فيهما صورة إنسان، فحدثت بعد عدمها، فكان ذلك دليلا مبينا. وقد احتج الله عليهم، فقال عز من قائل: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ، ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ، ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين}[المؤمنون:12-14]، فلما كان له ابتداء وانتهاء كان محدثا، وكذلك سائر المصنوعات، فصح الحدث وانتفى القدم.
والرد عليهم في قولهم: العالم وما تولد منه حصل من الطبيعة الهيولية؛ أن يقال لهم: الطبع فعل الفاعل، وهو غير الطابع والمطبوع، كما أن الفعل فعل الفاعل، وهو غير الفاعل والمفعول، فصح أن الطبع في ذاته فعل الفاعل، وإذا صح أنه فعل الفاعل صح أنه محدث.
صفحہ 71