علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف المدائني المتوفى سنة 225، وأبو محمد أحمد بن عبد العزيز بن يحيى بن عيسى الجلودي المتوفى سنة 302، وأبو عبد الله أحمد بن محمد بن سيار الكاتب البصري المتوفى سنة 368، وأبو القاسم المنذر بن محمد بن المنذر بن المنذر سعيد بن أبى الجهم القابوسي الذي لم أجد تاريخ وفاته، إلى غير ذلك من العلماء فكل واحد من هؤلاء المذكورين ألف كتابا باسم الغارات على ما ذكره أرباب التراجم وهذا أمر سهل ساذج ليس بمهم.
وإنما المهم النظر في مطاوي الكتاب ونظم مطالبه وحسن ترتيبه وترصيف مبانيه وإتقان ما احتواه فإذا تدبرت في الجهات المشار إليها من الكتاب الحاضر تبين لك أن للمؤلف (رحمه الله) يدا طولى ومنزلة منيعة ودرجة رفيعة في أمر التأليف وفن التصنيف، ومقاما شامخا يكشف عن تضلعه في العلوم وتبحره في الكمالات ومهارته في التاريخ ووثاقته في النقل إلى غير ذلك مما يستخرجه من مطاوي كتابه هذا من نظر فيه بعين الإنصاف وتجنب الاعتساف ألا ترى الى أن موضوع الكتاب هو ذكر الغارات لكن المؤلف (رحمه الله) مهد له مقدمات ووطأ له مبادئ فذكر فيها مطالب عالية ومقاصد مهمة وأودعها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين بحيث لا يقاس به ما ذكر في أصل الموضوع، وهذا يكشف عن غاية حذاقته، وأضف إلى ذلك دقته في النقل وعدم اعماله نظره الشخصي في ذكر ما أودعه ما بين الدفتين من كتابه، فانه مع كونه شيعيا مجاهدا مجاهرا بأعلى صوته بذلك بحيث ترك وطنه وهاجر إلى أصبهان في سبيل ترويج مذهبه ومع ذلك لم يذكر في الكتاب شيئا يدل على العصبية بل سلك مسلكا مستقيما كأنه لا يعرف عليا ومعاوية حتى يظهر عقيدته فيهما فيذكر ما هو وظيفة المورخ من دون حب لزيد أو بغض لعمرو، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
هنيئا لأرباب النعيم نعيمهم
وللعاشق المسكين ما يتجرع
ولذلك يروي أحاديث الكتاب جميعها عن الرواة المشهورين عند العامة المذكورين في أسانيد كتبهم كالصحاح الست وغيرها حتى أنه (رحمه الله) لم يرو في هذا الكتاب عن الائمة
صفحہ 68