) الجواب (أن الجذبة الرحمانية ما يحصل من وارد رحماني بواسطة أمر شرعي من استعمال ذكر أو استماع وعظ أو قرآن أو نحوها يضيق عنه وسع السالك فيفزع منه وربما يصعق مع بقاء شعوره كما في نحو العطاس والسعال ولذا لا يعاب من تعتريه ولا يعادلها وضوء. وهذا كثيرًا ما يعرض في أول السلوك لضيق الوسع إذ ذاك.) وقلما (يعرض للكاملين المتسعة صدورهم للواردات والكثير عروض البكاء لهم والطمأنينة والاستغراق كما كان يعرض ذلك لأصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) وإنما (لم يعرض لهم الصعق ونحوه لاتساع قلوبهم وانشراح صدورهم بما أشرق عليها من مشكاة النبوة فمبتديهم كمنتهى غيرهم حيث فازوا بالإكسير الأعظم صلى الله تعالى عليه وسلم. وما يحكى من وقوع التواجد في محضره عليه الصلوة والسلام بل منه ﷺ حتى أنه سقطت جبته عن كتفه الشريف إلى آخر القصة كذب لا أصل له لعن الله تعالى من افتراه ليروج به بدعته ومدعاه. وقد تقال الجذبة الرحمانية على تحويل الله تعالى عبده إلى حال أعلى وأغلى من حاله الذي كان فيه قبل التحويل بسبب الوارد المذكور. وقد تقال أيضًا على جذبه ﷿ قلب عبده إليه وتخليصه إياه من مخالب بازي نفسه. وجعله سارحًا في رياض أنسه وقدسه. وعلامة ذلك النشاط والعبادة وضعف تعلق القلب بالدنيا أو انقطاعه عنها بالكلية حسب قوة الجذب وضعفه. وقد يقوى الجذب إلى حد لا يبقى معه صحو أصلًا فيبقى العبد سكران القلب مستغرقًا في الرب وحينئذ يعذره الشرع إذا صدر منه ما ينكره من غيره لارتفاع التكليف إذ ذاك كذا قيل) ومن الناس (من لا يطلق الجذبة الرحمانية على ما يفوت معها الصلوة ونحوها ويقول لا بد أن يكون المجذوب محفوظًا عليه وقت العبادة وجعل ذلك أحد الفروق بين المجذوب والمجنون فليتأمل) وأما الجذبة الشيطانية (فهي نزغة من الشيطان كثيرًا ما تحصل بواسطة أمر غير شرعي ظاهر يثير من النفس كوامنها. ويحرك منها سواكنها. كاستماع النغمات المحرمة فتنعق وتزعق. وتشهق وتزهق. وربما تحصل من تصور معشوق. يحلو للمتصور ويروق. وعلامتها عدم ندم صاحبها على التقصير وعدم اهتمامه بما يقربه إلى ربه سبحانه قدر قطمير وكثير ممن شاهدناه يصرخ من استماع النغمات المحرمة وينعق ويشدخ الحجر برأسه من شدة ضربه به ويسحق هو تارك للصلوة متبع للشهوات مستحل للمحرمات مستحلٍ لمر الخطيئات. أجازنا الله تعالى والمسلمين من ذلك ولا سلك بنا سبحانه هاتيك المسالك ولها إطلاقات أخر لعلها تعلم مما ذكرناه في الجذبة الرحمانية بأدنى فكر فتفكر.
الثاني عشر: ما الحكم في طرد شيوخ الوقت من يحضر مجلس قراءتهم السور المعبر عنها بخزاتم الخواجكان ولو في المسجد ولو قاصدًا للصلوة مع قول صاحب التحفة المسجد وقف للمصلي وللقارئ والواعظ بالتبع وقول صاحب الأنوار يسن الجلوس في حلقة القراءة والإصغاء إليها إلى غير ذلك مما يدل على قبح ذلك الطرد.
1 / 39