وإذا أحببت أن تسمع كلامي وما حررته في ذلك أقلامي فهاك ذاك والله تعالى يتولى هداك) قوله (قيل والإيجاز لكونه على ما يفهم من كلام غير واحد حذف طول الكلام أي ترك ما به يطول وهو أي الطول بمعنى الإطالة لمكان قوله الإطناب ففيه استخدام غير الاختصار فيما أرى لأنه أي الاختصار حذف تكريره أي ترك ما به يحصل تكرير الكلام مع اتحاد المعنى المقصود منه) ولما (كان هذا القائل إنما قال ما قال والله أعلم لمن يسلم أن الإيجاز حذف طول الكلام ويدعي أن الاختصار كذلك ولا يسلم أن للكلام عرضًا يكون بالتكرير ليكون الاختصار حذفه أراد أن يقوي ما قاله فقال ويشهد له أي للفرق أو للمدعى المذكور وهو المغايرة بين الإيجاز والاختصار قوله تعالى) فذو دعاءٍ عريض (وذلك أنه يدل على ثبوت عرض للكلام الذي ينكره الخصم الغير الفارق بينهما إذ الدعاء فيه بمعنى المدعو به دون المعنى الصدري لخفاء وصفه بالعريض إلا أن يتكلف وهو ليس إلا الكلام والمتبادر من عرضه تكرره لا سيما هذه الآية لأن دعاء الإنسان فيها لدفع الشر الذي يمسه فهو يكرر قوله رب ادفع الشر عني فحيث أفادت أن للكلام عرضًا يكون بتكريره كما في دعاء الإنسان المحدث عنه ومن المسلم أن له طولًا وأن حذفه يسمى إيجازًا تعين أن يسمى المتعلق بالعرض أعني حذفه اختصارًا إذ لا جائز أن يسمى إيجازًا لأنه متعلق بالطول دون العرض إذ لا عرض عند الخصم يتعلق به وليس في البين ثالث يرتفع به الشقاق ويقع على حسن التسمية به الاتفاق) واعترض (عليه الشارح العلامة أولًا بقوله وفيه أي في هذا القيل تحكم حيث جعل قائله الإيجاز حذف الطول والاختصار حذف العرض ولم يعكس مع عدم المانع. وهذا غفلة منه عفا الله تعالى عنه عن كون الكلام مع من سلم أن الإيجاز حذف الطول واستقر رأيه عليه لكن أدعى أن الاختصار ليس أمرًا وراءه متعلقًا بالعرض لإنكاره إياه) واعترض (ثانيًا بقوله وفيه أيضًا استدلال على مدعاة من المغايرة بما لا يدل عليه من قوله ﷿ فذو دعاءٍ عريض (إذ ليس في الآية المذكورة حذف ذلك العرض الذي يشير كلامه إلى أنه تكرير الكلام بل فيها الوصف به فضلًا عن تسميته أي تسمية حذف ذلك اختصارًا. وهذا أيضًا غفلة منه عليه الرحمة عن كون إثبات ذلك العرض والوصف كافيًا في العرض. ومما ذكر يعلم ضعف تفريع قوله فالحق تراد فهمًا أي الإيجاز والاختصار وكونهما معًا عبارة عن حذف طول الكلام كما يشعر به كلام الجوهري في الصحاح حيث قال اختصار الكلام إيجازه وأوجزت الكلام أقصرته هذا. وللعلامة شيخ مشايخنا) صبغة الله أفندي الحيدري (في حل هذه العبارة وتوجيه الشهادة ما تشهد بداهة العقول بأنه بمعزل عن ساحة القبول ونحوه من وجه كلام المولى) أحمد حيدر (في ذلك ولكثير من الأجلة غيرهما نحو ما لهما) وبالجملة (لم تزل هذه العبارة معتركًا لأولي الأفهام من العلماء الأعلام ولم أر أحدًا منهم أصاب المحز ولا عرف مغزى ذلك القائل فيما قال وأوجز وكلهم راعي فيما ذكر تصحيح اعتراض العلامة ابن حجر مع أنه لم يلزم ذلك عليهم أصلًا وإن كان نور الله تعالى صريحه للفضل أهلًا ويكفي في توهين الاستدلال غير ذلك مما لا يخفى على فحول الرجال فتدبر ذاك والله ﷾ يتولى هداك وأنا إن كنت قد أصبت فذلك من محض فضل الله ﷿ وإن كنت قد أخطأت فقد أخطأ قبلي من هو أفضل مني بمراتب وأجل وكل شيء بقضاء وقدر حتى العجر والكيس انتهى. والذي كتبه العلامة السري شيخ مشايخنا) صبغة الله أفندي الحيدري (ما نصه قوله. ويشهد له الخ. وجه الشهادة أنه فسر العريض في الآية بالكثير على أن يكون مستعارًا مما له عرض متسع فكأنه قال فذو دعاءٍ عريض عرضه فحذف العرض ونقل الضمير إلى الصفة واكتفى بوصف الدعاء بالعريض عنه لدلالته عليه فهذا إيجاز لحذف طوله الذي هو الإطناب وليس باختصار لعدم حذف تكرير منه. وفيه تحكم إذ ليس تخصيص كل من الإيجاز والاختصار بما خصصه ذلك القائل به أولى من تخصيص الآخر به لأنه لا مانع في اللغة ولا في الاصطلاح من أن يوصف ما حذف طوله من الكلام بالاختصار ولا ما حذف تكريره بالإيجاز واستدلال بما لا يدل إذ لا حذف لذلك العرض في الآية. ولا حاجة إلى اعتباره في نظمها بل هو ووصفه بالاتساع كلاهما مفهومان من لفظ العريض باعتبار مادته وصيغته فضلًا عن تسمية ذلك الحذف
1 / 33