رسول الله ﷺ لا غير فأي إيحاش في قوله لا تحزن إن الله معي وإن كان إشفاقًا على الرسول وعلى نفسه رضي الله تعالى عنه لم يقع التعليل موقعه والجملة مسوقة له) ولو سلمنا (الإيحاش على الأول ووقوع التعليل موقعه على الثاني يكون ذلك الحزن دليلًا واضحًا على مدح الصديق رضي الله تعالى عنه) وإن كان (على نفسه فقد كما يزعمه ذو النفس الخبيثة لم يكن للتعليل معنى أصلًا وأي معنى لقولك لا تحزن على نفسك إن الله معي لا معك) على أنه (يقال للرافضي هل فهم الصديق من الآية ما فهمت من التخصيص وأن التعبير بنا كان سدًا لباب الإيحاش أم لا. فإن كان الأول يحصل الإيحاش ولا بد فنكون قد وقعنا فيما فررنا عنه وإن كان الثاني فقد زعمت لنفسك رتبة لم تكن بالغها ولو زهقت روحك ولو زعمت المساواة في فهم عبارات القرآن الجليل وإشاراته لمصاقع أولئك العرب المشاهدين للوحي ما سلم لك أو تموت فكيف يسلم لك الامتياز على الصديق وهو وقد فهم من إشاراته ﷺ من حديث التخيير ما خفي على سائر الصحابة حتى على علي كرم الله وجهه فاستغربوا بكاءه ﵁ يومئذ. وما ذكر من التنظير في الآية مشير إلى التقية التي اتخذتها الرافضة دينًا وحرفوا لها الكلم عن مواضعها وقد أسلفنا لك الكلام في ذلك على أتم وجه فتذكره. وما ذكر في أمر السكينة فجوابه يعلم مما ذكرناه. وكون التخصيص مشيرًا إلى إخراج الصديق رضي الله تعالى عنه عن زمرة المؤمنين كما رمز إليه الكلب عدو الله ورسوله ﷺ لو كان ما خفي على أولئك المشاهدين للوحي الذين من جملتهم الأمير كرم الله وجهه فكيف مكنوه من الخلافة التي هي أخت النبوة عند الشيعة وهم الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم وكون الصحابة قد اجتمعوا في ذلك على ضلالة والأمير كان مستضعفًا فيما بينهم أو مأمورًا بالسكوت وغمد السيف إذ ذاك كما زعمه المخالف قد طوى بساط رده وعاد شذر مذر فلا حاجة إلى إتعاب القلم في تسويد وجه زاعمه. وما ذكر من أن رسول الله ﷺ لم يخرجه إلا حذرًا من كيده. فيه أن الآية ليس فيها شائبة دلالة على إخراجه له أصلًا فضلًا عن كون ذلك حذرًا من الكيد على أن الحذر لو كان في معيته له ﷺ وأي فرصة تكون مثل الفرصة التي حصلت حين جاء الطلب لباب الغار فلو كان عند أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وحاشاه أدنى ما يقال لقال هلموا فهاهنا الغرض. ولا يقال أنه خاف على نفسه أيضًا لأنه يمكنه أن يخلصها منهم بأمور ولا أقل من أن يقول لهم خرجت لهذه المكيدة. وأيضًا لو كان الصديق كما يزعم الزنديق فأي شيء يمنعه من أن يقول لابنه عبد الرحمن أو ابنته أسماء أو مولاه عامر بن نهيرة فقد كانوا يترددون إليه في الغار كما أخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله تعالى عنها فيخبر أحدهم الكفار فكان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على أنه على هذا الزعم يجيء حديث التمكن وهو أقوى شاهد على أنه هو هو. وأيضًا إذا انفتح باب هذا الهذيان أمكن للناصبي أن يقول والعياذ بالله تعالى في علي كرم الله وجهه أن النبي ﷺ لم يأمره بالبيتوتة على فراشه الشريف ليلة هاجر إلا ليقتله المشركون ظنًا منهم أنه النبي ﷺ فيستريح منه وليس هذا القول بأعجب ولا أبطل من قول الشيعي أن إخراج الصديق إنما كان حذرًا من شره. فليتق الله سبحانه من فتح هذا الباب المستهجن عند ذوي الألباب وزعم أن تجهيز الإمام كرم الله تعالى وجهه لهم بشراء الأباعر إشارة إلى ذلك. لا يشير إلى ذلك بوجه من الوجوه على أن ذلك وإن ذكرناه فيما قبل إنما جاء في بعض الروايات عن ابن عباس والمعول عليه عند المحدثين غير ذلك) ولا بأس (بإيراده تكميلًا للفائدة وتنويرًا لفضل الصديق ﵁ فنقول (أخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين ولم يمرر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم طرفي النهار بكرة وعشية.) ولما (ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرًا قبل أرض الحبشة حتى إذا بلغ برك الغمار لقيه ابن الدغة وهو سيد القارة فقال ابن الدغنة أين تريد يا أبا بكر فقال أبو
1 / 27