فرأى عامر أن يبغته بخبر خطبة الخليفة لسلمى لكيلا يترك له مجالا للكلام.
فقال: لعلك قادم من قبل الخليفة لحمل خطيبته إليه؟
فلما سمع شمر ذلك بغت واستوقف عامرا بيده وقال له: ماذا تقول؟ وأي خطيبة تعني؟
قال: سلمى. قال: هل خطبها الخليفة؟
قال: هكذا يقولون، ونحن ننتظر وفدا من عنده اليوم.
فبهت الرجل وظل صامتا برهة ثم قال: إذن قد خرجت سلمى من يدي.
فخاف عامر إذا جافاه أن يشي بسلمى أو ينوي بها شرا، وظن مجاملته تدفع ذلك الشر عنه فقال: لا أدري أخرجت أم لم تخرج، ولكني أعلم أن مولانا أمير المؤمنين بعث يخطبها لنفسه، ومع ذلك فالمستقبل في علم الله.
قال: ويحك! أتغرر بي يا عامر؟ لكن هذا كله من عناد تلك الفتاة الجاهلة، ألم تخبرك بما لقيتني به من الجفاء أمس؟ أظنها كانت طامعة في الخليفة؟ قال ذلك وضحك ضحكة مغتصبة ثم قال: فلتهنأ بالخليفة هي وخطيبها الأول إذا كان لا يزال على قيد الحياة.
فارتعدت فرائص عامر وقال: هل تعرف شيئا عن عبد الرحمن؟
قال: لا أعلم ما جرى له حتى الآن، ولكنني أخبرك إن عناد سلمى سيجر الوبال عليها وعليه، أتظن الخليفة إذا عرف علاقتها به يستبقيها أو يستبقيه؟! فلتهنأ ابنة حجر بما يجره عليها رفضها شمر. قال ذلك وتحول مسرعا وهو يتعثر بأذياله لفرط سرعته، حتى نزل وخرج فركب جواده وسار، وعامر واقف وقد جمد الدم في عروقه وهو لا يدري ما يفعل.
نامعلوم صفحہ