نزلت سلمى ورفيقاها بعد انصراف الأضياف حتى دخلوا غرفتهم، وعبد الرحمن ساكت لا يتكلم، وقد أدرك عامر وسلمى ما جاش في خاطره من أمر الانتقام، فلما وصولوا إلى الغرفة هموا بالجلوس إلا عبد الرحمن فإنه ظل واقفا والقلق ظاهر على وجهه، فتجاهلت سلمى حاله، ودعته إلى الجلوس فقال: أتدعينني إلى الجلوس وقد أزفت الساعة التي نحن في انتظارها منذ أعوام؟!
ففهمت مراده ولكنها تجاهلت، وقالت: وأي ساعة تعني؟
قال: أراك تتجاهلين حين لا ينفع التجاهل؛ فقد قضي الأمر وآن أوان الانتقام.
فاختلج قلبها في صدرها خوفا عليه من الخطر الشديد بعد أن شاهدت كثرة تلك الحاشية وما معهم من العدة والسلاح، وقالت: دعنا الآن من الانتقام يا عبد الرحمن، فإن الساعة لم تأت بعد.
قال: وكيف ذلك وهذا يزيد خارج للصيد بكلابه وفهوده وجوارحه؟
قالت: ذلك هو الأمر الذي أخافه عليك. بالله لا تلق بيدك إلى التهلكة؛ فإن المركب خشن والطريق وعر.
قال: لقد عزمت وتوكلت على الله. قال ذلك وهو يبحث عن خنجره ويصلح ثيابه ويتأهب للخروج.
فأمست سلمى بذيل ثوبه، وقد توردت وجنتاها وغلب عليها الحب والحياء معا وقالت: بالله لا تذهب؛ إني خائفة عليك من هذا الأمر العظيم؛ إنك واحد وهم جماعة.
فقال: دعيني، لا أبالي مهما يكن من كثرتهم، وقد صممت على الانتقام، وهذا وقته فلا تثني من عزمي.
فقالت وهي تكاد تشرق بدموعها: لا، لم يئن وقت الانتقام، فلا تذهب الآن.
نامعلوم صفحہ