فتنهدت زينب وقالت: والهفي عليهم! فقد بلغني أن ابن زياد اللعين قبض عليهم وفعل بهم مثل ما فعله بابن عمي مسلم.
فصاحت سلمى: أقتلوهم يا سيدتي؟ أقتلوهم جميعا؟! قالت ذلك وهمت بإضجاع الطفل في الهودج إلى جانبها لئلا يعوقها عن الحركة أو إذا تحركت توقظه.
فأدركت زينب أن في الأمر سرا فقالت: لا، لم يقتلوهم جميعا، لا أدري سوى أنهم قتلوا بعضهم.
فقالت: هل قتلوا عبد الرحمن؟ أواه! قتلوه؟! قالت ذلك وهي تلطم وجهها.
فأمسكتها زينب وقد نسيت مصيبتها واشتغلت بما رأته من لهفة الفتاة وبكائها وقالت لها: ومن هو عبد الرحمن يا بنية، وهل من قرابة بينك وبينه؟
قالت: إنه ابن عمي، هل قتلوه وألحقوه بأبي؟
فلما سمعت قولها تفرست في وجهها فرأت فيها شبها بحجر بن عدي فقالت: لعلك ابنة حجر بن عدي؟
فقالت: نعم يا مولاتي إني ابنة ذلك المقتول ظلما، ابنة شهيد الحق الذي ذهب في سبيل نصرة أبيك صهر النبي وابن عمه ووصيه وحبيبه. بالله أخبريني، فرجي كربي، هل قتلوا عبد الرحمن؟
فصمتت زينب لحظة وقد تفتقت جروحها، وتذكرت مقتل أبيها وما يقاسونه من العذاب والبلاء بسبب ذلك، ولكن خاطرها اشتغل بسلمى لما رأته من غريب أمرها إذ تذكرت أحاديث سمعتها عن عبد الرحمن وخطيبته وموتها فقالت: لعلك خطيبة عبد الرحمن؟
قالت وهي مطرقة: نعم يا سيدتي أنا هي تلك التعسة، أنا سلمى الشقية، كتب علي أن أحيا بعد موت أبي وابن عمي. آه يا رباه! ما هذه المصائب! ولكن، هل مات ابن عمي حقيقة؟
نامعلوم صفحہ