کتاب الفتوح
كتاب الفتوح
قال: ثم أقبل أيضا على الهلقام بن الحارث ليوصيه فقال: يا خليفة رسول الله!لا توصني بشيء فقد سمعت وصيتك فإن[ (1) ]بقيت وأخر الله عز وجل في الأجل فسيبلغك من حيطتي على الإسلام والمسلمين وجهادي في المشركين ما يسرك الله عز وجل به ويرضيك عني إن شاء الله ولا قوة إلا بالله.
قال: ثم سار هاشم بن عتبة في ثلاثة آلاف مجهز حتى قدم على أبي عبيدة بن الجراح، قال: فسر أبو عبيدة وجميع المسلمين بقدوم هاشم بن عتبة ومن معه سرورا شديدا.
وأقبل إلى أبي بكر رضي الله عنه رجل من خيار المسلمين يقال له سعيد بن عامر بن جديم[ (2) ]فقال[ (3) ]: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم!إنه بلغني أنك أردت أن تبعثني في هذا الوجه، ثم إني رأيتك وقد أمسكت عن ذلك فلا أدري لأي شيء كان ذلك منك!فإن كنت تريد أن تبعث أحدا فأذن لي أن ألحق بجماعة المسلمين فإني راغب في الجهاد، قال فقال له أبو بكر: يا أبا عمرو!إني لأرجو أن يرحمك الله فإني[ (4) ]ما علمت إلا أنك من المتواضعين المحبين الذاكرين الله عز وجل كثيرا[ (5) ] فاخرج رحمك الله يا أبا عمرو واضرب عسكرك خارج المدينة فأنت أمير على كل من تبعك.
قال: فخرج سعيد بن عامر حتى عسكر خارج المدينة في سبعمائة رجل، فلما أراد الرحيل إلى الشام أقبل بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر رضي الله عنه فقال[ (6) ]: يا خليفة رسول الله!يا ولي نعمتي!إنك إنما أعتقتني لأقيم معك وأؤذن [ (1) ]نسب الأزدي هذا القول إلى قيس بن هبيرة يرد على ما أوصاه به أبو بكر الصديق.
[ (2) ]كذا بالأصل، وفي فتوح الأزدي ص 35 «حذيم» .
[ (3) ]وكان قد بلغه أن أبا بكر يريد أن يبعثه فلما أبطأ عليه، ومكث أياما لا يذكر له أبو بكر شيئا قال (عن فتوح الشام للأزدي ص 35) .
[ (4) ]في فتوح الأزدي ص 36 فإنك ما علمت من المتواضعين، المتواصلين، المجتنبين، المجتهدين بالأسماء، الذاكرين الله كثيرا.
[ (5) ]زيد في فتوح الأزدي: فقال سعيد: رحمك الله، إن نعم الله علي أفضل مما عسيت أن تذكره، فله المن والطول والفضل علينا، وأنت، والله ما علمت، صدوع بالحق، قوام بالقسط، رحيم بالمؤمنين، شديد على الكافرين، تحكم بالعدل، والحق، لا تستأثر في القسم.
[ (6) ]انظر مقالته في وفيات الأعيان وفتوح الأزدي.
صفحہ 95