154

غلام له بين يديه فكلمه بالفارسية فقال: شوانشان خاك بياور، فذهب الغلام فجاء بزنبيل ملآن ترابا فقال: خذوه الآنوضعوه على رأس أكبركم وأفضلكم وارجعوا إلى صاحبكم فخبروه بأني سأوجه إليكم من يدفنه ويدفن أصحابه في خندق القادسية.

قال: فوثب عاصم بن عمرو التميمي[ (1) ]وكان أصغر القوم فأحب أن يوقر المشايخ فحمل التراب، ونزل المغيرة عن سرير يزدجرد، وخرج القوم فركبوا دوابهم وساروا حتى صاروا إلى سعد بن أبي وقاص فخبروه بما كان من كلامهم وكلام يزدجرد.

قال: ثم أقبل يزدجرد على وزيره الأكبر رستم فقال له: إن الشتاء قد انحسر عنا وعن هؤلاء القوم، والأرض قد أعشبت والأشجار قد أينعت، فسر إليهم بخيلك ورجلك وجاهدهم أبدا حتى تردهم على أدبارهم من حيث جاءونا. قال: فعندها عرض رستم من كان بحضرته من الفرس، فكانوا عشرين ومائة ألف فارس وثلاثين ألف راجل، فسار هؤلاء القوم حتى نزلوا بإزاء المسلمين بأرض القادسية، وكتب يزدجرد إلى جميع البلاد التي كانت في يده فاستنهضهم إلى حرب المسلمين، فأجابوه على كل صعب وذلول، فكان أول من أجابه إلى ذلك بهرام صاحب همذان في خمسة وعشرين ألفا من فارس وراجل، وأجابه شيرزاد صاحب قم وقاشان في مثل ذلك، وأجابه البندوان صاحب أصفهان في مثل ذلك، وأجابه خرشيد صاحب الري في قريب ن ذلك، فاجتمعت العساكر إلى رستم بالقادسية في جمع عظيم، فتواعد القوم للحرب ودنا القوم بعضهم من بعض، وكانت حروبهم أربعة أيام: يوم أرماث[ (2) ]ويوم أغواث ويوم السواد ويوم النفاذ.

[ (1) ]في فتوح البلدان ص 257: عمرو بن معدي كرب.

[ (2) ]بالأصل رفاث تحريف وليلة أرماث تدعى الهدأة.

وليلة أغواث تدعى السواد، واليوم الثالث يوم عماس (بكسر العين، ولا أدري أهو موضع أم هو من العمسس مقلوب المعسس. قاله ياقوت في المعجم) وليلة اليوم الرابع تدعى ليلة الهرير، واليوم الرابع يوم القادسية. قال ابن الأثير 2/479 وسميت ليلة الهرير بذلك لتركهم الكلام، إنما كانوا يهرون هريرا.

وفي الفتوح البلدان ص 259: كان قتال القادسية: يوم الخميس والجمعة وليلة السبت وهي ليلة الهرير.

صفحہ 158