Foundations and Methods of Da'wah 1 - Al-Madinah University
أصول الدعوة وطرقها ١ - جامعة المدينة
ناشر
جامعة المدينة العالمية
اصناف
وقد ساق القرآن الكريم قصة بني إسرائيل مع هارون ﵇، حينما ذهب موسى ﵇ لمناجاة ربّه واستخلف أخاه هارون على بني إسرائيل، فاتّخذوا العجل بحيلة صنَعها السّامريّ. فلمّا رجع موسى ﵇ ووجَد تغيّر قومه وانحرافهم، عَتب على أخيه وعنّفه لِعدم التّصدّي لِهذا المُنكر، فكان جواب هارون ﵇ هو خشيته أن يؤدِّي الإنكار إلى ضرر أشدّ، وهو: وقوع الفرقة والانقسام وإحداث الفتنة بين قومه. قال تعالى: ﴿وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأَعْدَاءَ وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ (الأعراف:١٥٠، ١٥١).
ولقد جاءت سورة (طه) لتُكمل مشهد موسى ﵇ مع أخيه، وتعنيفه لِعدم مقاومة المُنكَر، وكيف أبدى هارون ﵇ وجهة نظَره في السّكوت. قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي * قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى * قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي * قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي﴾ (طه:٩٠ - ٩٤).
ففي هذه الآيات من سورة (الأعراف) و(طه) قواعد هامّة في الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر. ومن هذه القواعد والتوجيهات ما يلي:
أولًا: للدّاعية أن يُبدي غيرته وغضبه وأسَفه على ما يُرتكَب من المُنكَرات؛ وهذا ما فعَله موسى ﵇.
ثانيًا: عدم التّصدّي للمُنكَر إذا كان سيؤدِّي إلى ما هو أشدّ منه مُنكرًا؛ وقد برّر هارون ﵇ ذلك لسببيْن:
1 / 153