وأما أنا فلو نزلت بي هذه المسألة وتحوكم إلي لنظرت الأمر فإن كان المأمور لقي من الآمر إفزاعا وإسرافا وتلف فقد(1) لم آمن أن يكون فعله بغير عقل لأنا قد رأينا من إذا فزع وخاف على نفسه غلط ففعل أشياء لا يعقلها، ويعرف عنه عقله فإذا كان كذلك، وادعى أنه أيقن بالقتل ورغب قلبه دري الحكم بالشبهة التي قد تمكن أن تقع وألزمته الجبار في نفسه، وإن كان الأمر ممن لا يخاف منه هذه الخطة الشديدة التي يقع بمثلها الإختلاط على ذوي ضعف القلوب قتلت القاتل لا الآمر لأنه قد أطاع(2) في ماله فيه فسحة ولم(3) تحمله عليه عظيمة يمكن معها زوال العقل.
وأما من أمر من عوام الناس رجلا بإحراق منزل أو عقر دابة فالغرامة على من فعل بيده.
وأما الرجل الذي رضي بقتل رجل ولم يأمر به فإن كان المقتول مستحقا للقتل بحكم الله فغير مأزور الراضي به فإن(4) كان غير مستحق للقتل وإنما قتل ظلما فرضاه بقتله معصية وإثم؛ لأن قتله إسخاط لله تعالى ومخالفة لأمره ومن رضي بإسخاط الله ومخالفة أمره فقد أثم ووزر.
وفي هذا ما يروى عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رحمة الله عليه حين يقول في خطبته بصفين: (أيها الناس إنه سيشرك في حربنا هذه في أصلاب الرجال وأرحام النساء(5) فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين كيف يكون ذلك في قوم لم يحضروا؟ فقال صلوات الله عليه : يأتون من بعدنا فيرضون بفعلنا فيكونون منا أو يسخطون فعلنا فيكونون من عدونا)(6).
صفحہ 25