عربی فکر حدیث
الفكر العربي الحديث: أثر الثورة الفرنسية في توجيهه السياسي والاجتماعي
اصناف
القسم الثاني
نصوص مختارة
الأمير حيدر الشهابي (1761-1835)
(1) الثورة الفرنسية
إنه في سنة 1792 مسيحية، الموافقة 1207 هجرية، حدث في مدينة باريس بلبلة عظيمة إذ هاج شعب هذه المملكة هياجا عظيما، وتظاهر ظهورا جسيما، ضد السلطان والأمراء والأشراف، في يوم كان شديد الارتجاف. وأبرزوا الكمين منذ أعوام وسنين. وطلبوا نظامات جديدة وترتيبات حديثة . وادعوا أن وجود السلطان بصوت منفرد أحدث خرابا عظيما في المملكة، وأن أشرافها يتنعمون في خيراتها، وباقي شعوبها يكابدون أتعابها ومشقاتها؛ فلأجل ذلك نهضوا جميعهم سوية، تلك الشعوب الفرنساوية، ودخلوا على سراية الملك، فخاف منهم خوفا عظيما مع أرباب دولته. وسألهم عن مرامهم والسبب الداعي إلى قيامهم، فأعلموه أنه من الآن وساعد (وصاعدا) لا يبرز الملك أمرا أو يبت رأيا من تلقاء ذاته، بل يكون بت الأحكام والترتيب والنظام بموجب ديوان عظيم ومحفل جسيم. ويكون الملك له الصوت الأول، ثم من بعده مشايخ الشعب الذي عليهم المعول. فبذلك يهون الصعب ويرتفع الظلم عن الشعب.
فلما فهم الملك لويس قيام هذا الشعب المذكور، وما أبدوه من تلك الأمور، أجابهم أنني وأيضا أنا أود عمار هذه المملكة وخيرها، وطيع لما ترونه مناسبا لرفع ضرها وضيرها.
فقالوا له: إن كنت كما زعمت اختم لنا الشروط التي تلايم إصلاح هذه المملكة وقيام المشيخة، فقبل ذلك خوفا من الشعب، وختم لهم الشروط التي قدموها له، ثم بعد أيام جهز الملك نفسه للهرب وخرج ليلا من مدينة باريز وصحبته أخوه وبعض أصحابه قاصدا الإمبراطور ملك النمسا لأنه كان نسيبه شقيق زوجته.
وعندما بلغ مشايخ الشعب خروج هذا الملك جدوا في طلبه فوجدوه في إحدى اللوسطاريات التي في الطريق، فقبضوا عليه ورجعوا به إلى المدينة ووضعوه في السجن مع امرأته وولده. وأما أخوه فإنه نجا منهم وسار إلى بلاد النمسا. وبدا جميع الشعب يصيح صارخا: فليقتل الملك بموجب الشريعة لأنه نكث في عهده مع شعبه، وقد هرب لكي يلتجي إلى «ملك» النمسا الذي هو أخو زوجته الذي قد تسبب لنا هذا الخراب بسببها.
ثم إنه بعدما سجنوا الملك أربعة أشهر حكموا عليه في الموت، وأحضروه أمام الشعب في اليوم الاثنين الحادي والعشرين من كانون الثاني وقد أبرزوا عليه الموت.
وقد طلب الملك لويس أن يخاطب عيلته، والمتوكلون عليه أحضروا امرأته وبنيه وشقيقته واستمروا معهم في المكان الذي كان يأكل به نحو ساعتين ونصف. وخاطب ابنته مريم أنطونيتا قايلا لها: تعلمي من مصايب والدك ولا تجزعي من موته. وطلبوا منه عيلته أن ينظروه عند الصباح، فلم يجيبوهم إلى ذلك. وفي الصباح أعلموه المتوكلون أن الجمهور قد حكم عليه بالموت، فطلب الملك لويس دقيقة لكي يتكلم مع معلم اعترافه فأذنوا له بذلك.
نامعلوم صفحہ