عربی فکر حدیث
الفكر العربي الحديث: أثر الثورة الفرنسية في توجيهه السياسي والاجتماعي
اصناف
وبدا كأن الحركة الانقلابية قد بلغت ذروتها. لكن بقاء الملك في فرساي، وغلاء الغذاء، واجتماع أجناد جديدة إلى قصر الملك، كل ذلك جعل الشعب غير مطمئن إلى سلامة الإصلاحات والانتصارات التي أحرزها، فزحفت، في 5 تشرين الأول، جمهرة غفيرة من النساء المسلحات يتبعها لافاييت والحرس الوطني إلى فرساي، فانتقل الملك بعائلته إلى قصر التويلري في باريس؛ حيث باتت الجمعية الوطنية تعقد اجتماعاتها أيضا.
أعقبت ذلك فترة من هدوء، وعيدت فرنسا عيد 14 تموز لأول مرة، وهو اليوم الذي هدم فيه الباستيل؛ فحضر العيد ممثلون عن الحرس الوطني أقبلوا من جميع أقاليم فرنسا، وأقيم هيكل للوطن، وأقسم لافاييت قائد الحرس الوطني يمين الولاء للدستور والقانون والملك، ثم أقسم الملك - الذي حضر العيد أيضا - يمين الولاء للدستور، وعرف هذا العيد بعيد الاتحاد
Féte de la Fédération ، وأصبح الفرنسي بعده لا يتحدث إلا عن «أمة فرنسية»، وكان من قبل يقال مثلا: الأمة البريتونية أو البروفنسية، تبعا لاسم الإقليم.
وهنا يذكر مؤرخو الثورة كيف أن الملك لويس السادس عشر لم يستطع أن يوطن نفسه على مسايرة الوضع الجديد، فأخذ ينسج نسجا ويحبك حبكا في الخفاء، وأمل أن يوقع خلافا في صفوف الجمعية الوطنية من ناحية،
10
وأن يستعين، من ناحية أخرى، بتدخل الملوك، لا سيما نسيبه ملك النمسا. ومن المؤرخين من يحبون أن يزيلوا عنه هذه التهم ليحملوها امرأته ماري أنطوانيت. ومهما يكن من أمر، فالواقع أن الملك هرب متنكرا إلى فارين، في حزيران سنة 1791، وهو ينوي أن يقود جيش المركيز دي بوييه
de Bouillé
إلى باريس لقمع فورانها. على أن العيون كشفته فأعيد مخفورا إلى العاصمة، وأوقفته الجمعية الوطنية عن ممارسة سلطاته وقتيا، وتشدد الحزب الجمهوري، إلا أن أكثرية النواب كانوا لا يزالون ملكيين، فلما انتشبت مظاهرة في شان دي مارس
Champs de Mars
تنادي بالجمهورية فرقتها الجمعية الوطنية بالقوة.
نامعلوم صفحہ