فتخلصت منه وصاحت: كلا، لست أتكلم؛ لأنك ستقتلها إذا أنا تكلمت بما عرفت، فتراجع عنها مرعوبا ساخطا، وصاح: تقولين إنني أقتلها؟ إذن هي تخدعني حقا! كلا، لا أصدق هذه التهمة.
قالت: لا بأس فقد كذبت لأمتحن حبك، ووشيت بامرأة بريئة لأعرف ما تفعله بمجرمة. أردت أن أسبر غور فؤادك لأعلم منزلتي منه إذا قضى الزمان بأن أحتل موضع زوجتك، والآن عرفت ما كنت أروم معرفته، فيمكنك أن تذهب ولن نلتقي بعد اليوم.
فقال الكونت في نفسه: لا تخلو هذه الوشاية من شيء، وللحال عمد إلى وسيلة أخرى، فقال: إنك إن أردت أن تعرفي ماذا يحدث إذا خلا موضع الكونتة من فؤادي، فاسمعي! إني من الرجال الذين لا يحتملون أن يخونوا أو يخانوا، وأنت أدرى الناس بوفائي لزوجتي، ولكن إذا قضي عليها ذات يوم بأن تزل بها القدم فلا يبقى لها في قلبي شيء من الأسف أو التذكر، ولأقطعن الرابطة التي تجمع بيني وبينها! وكانت هذه المحادثة العنيفة دائرة بينهما وهما يقتربان إلى النافذة اتفاقا دون قصد، وهي مشرفة على إيوان المنزل، وقد ضرب الباب ودخل الجوهري سميث، فلم تتردد جرجونة، بل قالت: إن أردت معرفة الحقيقة فعليك بمقابلة هذا الرجل فإنه قادر على إيضاحها لك. فأطل الكونت من النافذة وقال: إنه الجوهري سميث، ورفع الجوهري رأسه فعرف الكونت وحياه من بعد، فأشار إليه أن اصعد فلي كلام معك.
ثم اطبق النافذة واستدعى خادما فأمره بأن يوصل إليه الجوهري، ثم انثنى إلى الدوقة فقال لها، أرجو منك أن توضحي الآن كيف وصل السر الهائل الذي ترفضين أن تبوحي لي به إلى هذا الجوهري؟
فأجابته قائلة: إن المسيو سميث يحمل مائة ألف فرنك إلى زوجتك التي رهنت عنده حليها؛ لتبتاع بثمنها رسائل كتبتها فيما مضى.
فانحنى أمامها وقال لها: إذا كان ما ذكرته لي صدقا فإنك حكمت على الكونتة، وإن كان كذبا فإنك حكمت على أخيك، ولئن سلم شرف الكونتة دي موري من التهمة فاعلمي أنني سأقتل أخاك أنيبال بلميري غدا، والآن أطلب منك أن تدعيني أفعل ولا تخالفيني فيما أقوله لهذا الشاهد توصلا إلى معرفة الحقيقة.
ثم اتجه إلى البهو ففتح الباب ودعا إليه الجوهري، فجلس، فقال له: لا بد أنك تلاحظ انفعالي، وما ذلك إلا لاطلاعي على سر خطير لك دخل فيه ...
قال: وكيف ذلك؟
أجاب: نعم ... لكنني نسيت أن أعرفك بالدوقة دي لوقا. قال: لقد تشرفت بمعرفتها حين زارت حانوتي مرارا، وابتاعت بعض الحلي.
قال: إذن بقي علي أن أقول لك إن الدوقة التي هي صديقة الزوجين وصاحبة سرها في الأعمال الخيرية، أنبأتني الآن أن الكونتة قد أودعتك بعض حليها للحصول على مائة ألف فرنك تعيرها إياها، فظنت الدوقة أنها تحسن صنعا إلى صديقتها إذا أطلعتني على ما كان؛ لأن زوجتي تكتم مبراتها وحسناتها.
نامعلوم صفحہ