فهذا الخلط هو المزعج لكل باحث عن الحقيقة، أما كون بعض من أسلم بعد الحديبية أو بعد فتح مكة قد حسن إسلامه وصلح حاله فهذا صحيح وليس موضع نزاع، لكن النزاع في التعميم الذي يفعله البعض ويجعل الرؤية لا يضر معها عمل فهذا نقص في العقل ويأباه الشرع الحنيف: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}[ الزلزلة:7،8] سواء كان العامل صحابيا أو تابعيا هذا هو الأصل في المنهج القرآني وفي الإسلام .
إذن فقول الشيخ عن آية الحديد ص4: (وهذه الآية شاملة لكل الصحابة لمن أنفق من قبل الفتح وقاتل ولمن أنفق من بعد الفتح وقاتل، كلهم وعدهم الله بالحسنى...).
أقول: لم يعد هذا القول صحيحا على إطلاقه إذا علمنا ما تقدم من الأدلة المخصصة، وعلمنا أوهام الشيخ حفظه الله في أكثر من مسألة قادته إلى هذا التعميم. والوهم ليس عيبا فما منا إلا ويهم ويؤخذ من قوله ويترك، ولا أظن الشيخ يأنف من وصفه بالوهم أو الخطأ في بعض المسائل.
ثم الشيخ لا يجمع بين الآيات فالآية السابقة لا يفسرها بالآية اللاحقة التي أوردها في الصفحة نفسها التي تشترط (الإحسان) في الذين جاءوا بعد المهاجرين والأنصار.
والشيخ حفظه الله ومعه كثير من طلبة العلم المعاصرين كأنهم يرون أن (الإحسان) هو مجرد إظهار الإسلام فقط دون اجتناب للمحرمات وهذا يناقض الأساس الذي قام عليه الإسلام.
فنحن شيخنا الفاضل نقول: نعم من أتى بعد المهاجرين والأنصار من العام السادس الهجري إلى يوم القيامة وأحسن الإتباع فهو موعود بالجنة بشرط حسن الاتباع وإنما خلافنا في من أساء الإتباع فقط، أما من أحسن فلا ننازع في دخوله تحت وعد الله عز وجل، ولا يخلف الله وعده جعلنا الله وإياك وجميع المسلمين ممن قال الله فيهم: {ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين}[الحجر:47].
صفحہ 27