كان هذا استشراقا غير منظم، نشأ عن الاختلاط ولم ينتج عن الدرس، أما الاهتمام بالعلوم العربية ودراستها فقديم يرجع إلى القرن العاشر الميلادي, واهتم ملوك أوروبا بآداب العرب وعلومهم، وأول من فعل ذلك فرديريك الثاني ملك صقلية سنة 1350، ثم ألفونس ملك قشتالة, فقد جمع الأخير المترجمين كما فعل المأمون من قبل، أمر بترجمة كتب العرب, وكانوا ينقلونها إلى الإسبانية ثم إلى اللاتينية, وشاع خبر هذه التراجم فحاكه كثير من ملوك أوربا, ومضت القرون الوسطى والثقافة العربية من طب وهندسة وفلسفة وجبر وحساب وكيمياء وصناعة وأدب1 هي عماد الثقافة الأوربية، ولكن ما لبثت أوربا أن تخطت دور التعلم، ومهرت في شتى أنواع العلوم، وبنت على هذا القديم الذي نقلته ومحصته ودرسته دراسة عميقة, علما جديدا لا يزال في نمو واطراد، وهو عماد الحضارة الغربية اليوم، ومع أن أثر العلوم والآدب العربية لا يجحد, فإن هذا الأثر قد ضعف على مر الأيام2 واستقلت العلوم والآداب الأوروبية، وصارت مرجعا ومعينا، وتراثا شائعا للإنسانية، ومع كل هذا فقد تجدد نشاط الغرب في الاستشراق خلال العصور الحديثة، وظهر هذا النشاط في صور عدة:
صفحہ 376