204

فی ادب حدیث

في الأدب الحديث

اصناف

على أن البارودي لم يكن هجاء، وأهاجيه الشخصية قليلة إذا قيست بشعره كله، ولكن سخطه على الناس وتبرمه بأخلاقهم وعيوبهم كثير نوعا ما، وهو يدل على النزعة الإصلاحية عنده, ويدل على أنه قد أوذي ولقي من قومه محنا كثيرة، وأنه كان يضيق بأخلاقهم ذرعا, فهذا الهجاء الاجتماعي جديد في شعر البارودي، إنه صور به عصره وناسه تصويرا ملونا بشعوره الخاص، وحسبنا من الشاعر # أن يصور ما يختلج في صدره من عواطف وأحاسيس, وأن ينقل إلينا مشاعره الخاصة، لا أن يستتر وراء سدف كثيفة مصطنعة من المجاملات والنفاق الاجتماعي، والمدح الكاذب.

ه- المخترعات الحديثة:

حفل القرن التاسع عشر بكثير من المخترعات الحديثة التي ذللت الطبيعة وأرضختها لخدمة الإنسان, وجعلت أمور الحياة هينة أمامه, وقد أخذت مصر بنصيب من هذه المخترعات, فانتشر فيها مثلا استخدام الكهرباء وآلة التصوير، وعرفت في أواخر أيام البارودي الطائرات، وما شاكل ذلك، وكان البارودي حريصا على أن يستمد تشبيهاته من هذه المخترعات الحديثة رغبة في الطرافة، وتمثيل عصره، فيقول مثلا:

تعرض لي يوما فصورت حسنه ... ببلورتي عيني في صفحة القلب

ويقول:

فالعقل كالمنظار يبصر ما نأى ... عنه بعيدا دون لمس باليد

ويقول:

شفت زجاجة فكري فارتسمت بها ... عليك من منطقي في لوح تصوير1

ويقول:

جسم برته يد الضنى حتى غدا ... قفصا به للقلب طير يصفر

صفحہ 224