قدمنا عند الكلام على الساعاتي، والمدرسة التي ينتمي إليها, بأن له شخصية في شعره، وأن هذه الشخصية استطاعت البروز والوضوح على الرغم من كثافة التقاليد الشعرية الموروثة.
أجل! استطاع أن يتخلص في بعض قصائده من المحسنات البديعية، وأن يرتفع بديباجته عن درك الغثاثة والركة، وأن يعبر عن شعره تعبيرا واضحا، وأن يشعرك على الرغم من معانيه المطروقة بأنه أحسن التقليد وأضفى عليه شيئا من نفسه ورووحه, ومع كل هذا فمعظم شعره من ذلك النوع الذي ساد أيام المماليك وبني عثمان, وقلما خلت قصيدة من تاريخ وتعمد للصناعة والزخرف.
1- ترى الشاعر يجيد في الحماسة، ويقوى شعره وتشرق ديباجته، اسمعه يقول مادحا سعيدا، وقد عزم على زيارة المصطفى -عليه السلام:
ملأت قلوب العرب رعبا فما دروا ... بعثت لهم بالكتب أم بالكتائب
تركتهم في أمرهم بين صادق ... وآخر في تيه من الظن كاذب
تسير لهم في بحر جيش عرموم ... يفيض بموج الحتف من كل جانب
إذا هتفوا باسم العزيز تزلزلت ... جبال عليها الذل ضربة لازب
فكيف إذا يممت بالشهب أرضهم ... وزاحمت ما في أفقهم بالنجائب
وجرد عليها الأسد في قصب القنا ... ترى الأسد في الآجام مثل الثعالب
وخير من هذا قوله يمدح الشريف ابن عون, ويصف غزوته لبني سليم:
وأضرمتم النيران فيهم وأضرموا ... لهم نار حرب مثل نار الحباحب1
كررتم على أهل الجبال بمثلها ... جبال رجال سيرت بالركائب
وما ثبتوا إلا قليلا وزلزلوا ... وأبطالكم ما بين ضار وضارب # رأوا باترات البيض تغمد فيهم ... وتخرج من أصلابهم والترائب
صفحہ 139