فهم روحي وريحاني رواحي ... فكيف أرى إلى السلوى نزوعا2
وفي هذه النماذج التي سقناها من شعره يتبين مدى ما ذكرناه عن أدباء هذه المدرسة وتقليدهم, وعدم ظهور شخصيتهم، مع افتتانهم بالبديع والجري وراءه ، وضعف أسلوبهم، وقد مات سنة 1880، وله ديوان مطبوع.
الشيخ علي الليثي:
ولد سنة 1830 ببولاق، وتيتم صغيرا, فتحولت به أمه إلى جهة الإمام الليثي وإليه ينسب، وطلب العلم بالأزهر مدة, ولكنه لم يتم تعليمه, ثم رحل إلى طرابلس الغرب, وأخذ عن الشيخ السنوسي الكبير, والشيخ القوصي الكبير الطريقة والعلم، ولما عاد اتصل بالأسرة الحاكمة، وكان مقربا لدى الخديو إسماعيل؛ لأنه كان مثلا للنديم المحبوب الذي لا يمل حديثه، ولا يطاق فراقه، وتورى له في باب المنادمة ونوادر لا تزال تتردد حتى اليوم على ألسنة السمار في مجالس الأنس, ولعل كثيرين منا يعرفون قصته مع "المهردار" بقصر الخديو إسماعيل, حين كتب على باب حجرة الشيخ الآية الكريمة: {إنما نطعمكم لوجه الله} إذ لم يجد لقبا سواها يعطي لهذه الحجرة, كما أعطيت الحجرات الأخرى بالقصر ألقابا، من مثل حجرة أمين المخازن، ورئيس الحرس، وغير ذلك، وقد كانت هذه مداعبة من "المهردار"، أثارت في نفس الشيخ الليثي الرغبة في الانتقام منه، وجعله سخرية أمام رجال الحاشية، فانتهز فرصة وجوده معه بحضرة إسماعيل، والمجلس عامر بعلية القوم يخوضون في أحاديث شتى، ولما سنحت الفرصة قال الشيخ علي الليثي للخديو: عندي قصة صغيرة يا مولاي، فقال: ما هي؟ قال:
صفحہ 128