فأضاف أن المصريين قد نسبوا ألحانهم المقدسة إلى الربة إيزيس، ثم انتقل إلى امتداح قدرة المصريين على خلق ألحان يمكنها قهر الانفعالات الغريزية في الإنسان وتنقية الروح. والمعنى الكامن في أقواله هذه هو أن الألحان الوحيدة الجديرة بالتقدير هي المقامات والأنغام الموسيقية المحددة بدقة، على نحو من شأنه أن يجعل لها تأثيرا عاطفيا بفضل بساطتها المباشرة.
وكان من رأى أفلاطون أن البساطة الموسيقية لا تتعارض مع القانون الطبيعي؛ فإشاراته المتعددة إلى الموسيقى تتضمن الاعتقاد بأن في وسع الموسيقى أن تتيح للمرء بعث التوافق بين نفسه المتناهية، والنفس اللامتناهية، وذلك عن طريق المزج الرقيق بين أفكاره وأفعاله وبين الأجرام السماوية التي يتم بينها انسجام الأفلاك. أما التخليط الصوتي الصخب فلم يكن، في رأي أفلاطون، غريبا عن الثقافة اليونانية فحسب،
20
بل هو يؤدي إلى التضارب بين النفس البشرية وبين النظام المثالي للأشياء.
ولقد كان أفلاطون يعتقد بأن القوى التي تمارسها الموسيقى على الانفعالات البشرية قوى غير مأمونة، شبهها بقوة السحر. وكان ينظر إلى المزامير الموسيقية (التي تسمى عادة بالناي
flutes
في الترجمات الإنجليزية) على أنها ذات قدرة خاصة على الغواية، وكتب يقول إن الآلات المتعددة الأوتار التي أصبحت من البدع المنتشرة حينئذ تبعث الاضطراب في نفوس السامعين، وكان يعتقد أن الليرا (
Lyre ) التقليدي والصنج
harp
ومزمار الرعاة هي الآلات المأمونة أخلاقيا، ولا سيما في تعليم الصغار.
نامعلوم صفحہ