أو يعظه، أو من يدل عليه (^١)، بحيث يكون يرجوه ويخافه، تحركت إرادة الملك، وهمته في قضاء حوائج رعيته. والله تعالى رب كل شيء، ومليكه، وهو أرحم بعباده من الوالدة بولدها (^٢)، وكل الأسباب إنما تكون بمشيئته، وإرادته فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن. وهو سبحانه إذا أراد إجراء نفع العباد بعضهم على يد بعض (^٣) جعل هذا يحسن إلى هذا، أو يدعو له (^٤)، أو يشفع له فهو الذي خلق ذلك كله، وهو الذي خلق في قلب هذا المحسن والداعي إرادة الإحسان، والدعاء، والشفاعة، ولا يجوز أن يكون في الوجود من يكرهه على خلاف مراده، أو يعلمه ما لم يكن يعلم، والشفعاء الذين يشفعون عنده لا يشفعون إلاّ بإذنه كما تقدم إيضاحه (^٥)، بخلاف الملوك المحتاجين، فإن الشافع عندهم يكون شريكًا لهم في الملك، وقد يكون مظاهرًا لهم (^٦) معاونًا لهم على ملكهم، وهم يشفعون عند الملوك بغير إذن الملوك،
_________
(^١) في "أ" "أو من يدل عليه بحديث بحيث" وما في "ب" هو الموافق لما في فتاوى شيخ الإسلام ١/ ١٢٧.
(^٢) كما ورد هذا في الحديث المتفق على صحته عن عمر بن الخطاب ﵁ قال:
قدم على رسول الله ﷺ سبي، فإذا امرأة من السبي تحلب ثديها تسعى، إذا وجدت صبيًا في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته. فقال لنا النبي ﷺ: "أترون هذه طارحة ولدها في النار؟ " قلنا: لا، وهي تقدر على أن لا تطرحه. فقال: "لله أرحم بعباده من هذه بولدها" هذا لفظ البخاري "١٠/ ٤٢٧ - فتح". ولفظ مسلم "فإذا امرأة من السبي، تبتغي، إذا وجدت صبيًا في السبي، أخذته … " "٤/ ٢١٠٩".
(^٣) في "ب" "بينهم" بدل قوله: "بعضهم على يد بعض".
(^٤) له: ليست في "أ".
(^٥) في "أ" "بيانه" ..
(^٦) في "ب" "إليهم.
1 / 56