وعن عوف بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ "أتاني آتٍ من عندي ربي فخيرني بين أن (^١) يدخل نصف أمتي الجنة، وبين الشفاعة فاخترت الشفاعة وهي لمن مات لا يشرك بالله شيئًا". رواه الترمذي وابن ماجه (^٢).
فأسعد الناس بشفاعة رسول الله ﷺ أهل التوحيد، والذين جردوا التوحيد لله، وأخلصوه من التعلقات الشركية، وهم الذين ارتضى الله سبحانه، قال تعالى: ﴿وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى﴾ [الانبياء- ٢٨]، وقال تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا﴾ [طه- ١٠٩] فأخبر سبحانه أنه لا يحصل يومئذ شفاعة تنفع إلا بعد رضاه قول المشفوع له وإذنه للشافع فيه وأما المشرك فإنه لا يرتضيه، ولا يرضى قوله، فلا يأذن للشفعاء أن يشفعوا فيه، فإنه سبحانه علقها بأمرين رضاه عن المشفوع له، وإذنه للشافع. فما لم يوجد مجموع الأمرين لم توجد الشفاعة، وهذه الشفاعة في الحقيقة هي منه سبحانه، فإنه الذي أذن، والذي قبل، والذي رضي عن المشفوع، والذي وفقه لفعل ما يستحق به الشفاعة.
_________
(^١) "أن": سقطع من "ب".
(^٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده "٦/ ٢٨ - ٢٩"، والترمذي في سننه -كتاب صفة القيامة- "٤/ ٦٢٧"، وابن حبان -الموارد- "ص ٦٤٤" وابن خزيمة -في كتاب التوحيد- "ص ٢٦٤ - ٢٦٥"، وقال الحاكم في مستدركه "١/ ٦٧" حديث صحيح على شرطهما ولم يخرجاه، والآجري في الشريعة "ص ٣٤٥" كلهم من طريق قتادة عن أبي المليح عن عوف بن مالك … به وفيه قصة.
وقال الهيثمي في المجمع "١٠/ ٣٧٠" رواه الطبراني بأسانيد ورجال بعضها ثقات، اهـ. وللحديث طرق عن عوف بن مالك ليس هذا موضع بسطها.
1 / 51