الخلوف (^١) الذين يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون.
فهذه سنة رسول الله ﷺ، وهذه (^٢) طريقة الصحابة والتابعين لهم بإحسان هل نقل عن أحد منهم نقل (^٣) صحيح أو حسن (^٤) أنهم كانوا إذا كان لهم حاجة قصدوا القبور فدعوا عندها، وتمسحوا بها فضلًا عن أن يسألوا أصحابها جلب الفوائد وكشف الشدائد، ومعلوم أن مثل هذا مما تتوافر الهمم والدواعي على نقله، وقد كان عندهم من قبور أصحاب رسول الله ﷺ بالأمصار عدد كثير فهم متوافرون، فما منهم من استغاث عند قبر ولا دعاه، ولا استشفى به، ولا استنصر به، ولا أحد من الصحابة استغاث بالنبي ﷺ بعد موته، ولا بغيره من الأنبياء، ولا كانوا يقصدون الدعاء عند قبور الأنبياء، ولا الصلاة عندها.
فإن كان في هذا (^٥) أثر صحيح أو حسن فأوقفونا عليه، بل الذي صح عنهم خلاف ما ذهبتم إليه. ولما قحط الناس في زمن (^٦) عمر بن الخطاب استسقى بالعباس وتوسل بدعائه وقال: "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعمِّ نبينا فأسقنا فيسقون" كما (^٧) ثبت ذلك في صحيح البخاري في كتاب (^٨) الاستسقاء من صحيحه (^٩).
_________
(^١) في "ب" "الخلف".
(^٢) في "ب" "فهذه".
(^٣) في "أ" "بنقل".
(^٤) في "ب" "نقل صحيحًا أو حسنًا" وهو خطأ. وما أثبته من "أ" ومن "إغاثة اللهفان" لابن القيم "١/ ٢٠٢" الذي نقل المؤلف هذه الأسطر منه بتصرف.
(^٥) في "ب" "منها".
(^٦) في "أ" "زمان".
(^٧) سقطت "كما" من "أ".
(^٨) في "ب" "باب" وهو خطأ.
(^٩) أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الاستسقاء- "٢/ ٤٩٤"، وفي فضائل الصحابة "٧/ ٧٧" عن أنس بن مالك ﵁.
1 / 35