قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [يونس- ٥٧]، وقال تعالى: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ [طه- ١٢٣ - ١٢٤]. قال ابن عباس: تكفل الله لمن قرأ القرآن واتبع ما فيه أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة (^١). وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ، وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ (^٢) [الزخرف- ٣٦ - ٣٧]. وروى الإمام مالك في الموطإ أن رسول الله ﷺ قال: "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة رسوله" (^٣).
_________
(^١) أخرجه -كما في الدر المنثور ٥/ ٦٠٧ - الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد ومحمد بن نصر وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب من طرق عن ابن عباس.
(^٢) قال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية ﵀ في ردِّه على البكري "ص ١٨٣ - ط السلفية بمصر- ١٣٤٦ هـ":
فمن لم يعبد الرحمن عبد الشيطان ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ …﴾ وذكر الرحمن يراد به الذكر الذي أنزله الله تعالى كما قال: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى …﴾ فمن أعرض عن هدى الله الذي أرسل به رسله، وأنزل به كتبه فلم يفرق بين ما أمره الله به، وما نهى عنه كان معرضًا عن ذكره المنزل فيقيض له شيطانًا يصده عن سبيل الله فيفرق -أي بين الأشياء- بمجرد هواه ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ﴾ انتهى.
(^٣) أخرجه مالك في الموطإ بلاغًا "٢/ ٨٩٩":
ورواه الحاكم في مستدركه "١/ ٩٣"، وابن عدي في الكامل "٤/ ١٣٨٦" وغيرهما من طريق داود بن عمر الضبي ثنا صالح بن موسى الطلحي ثنا عبد العزيز بن رفيع عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "إني قد خلفت اثنين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض". =
1 / 28