298

فتح ربانی مِن فتاویٰ

الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني

ایڈیٹر

أبو مصعب «محمد صبحي» بن حسن حلاق [ت ١٤٣٨ هـ]

ناشر

مكتبة الجيل الجديد

پبلشر کا مقام

صنعاء - اليمن

لا يحتاج إلى رشوة بنذر، أو ذبح، ولا تعظيم، ولا اعتقاد، لأن المدعو هو الله -سبحانه-، وهو أيضًا المجيب. ولا تأثير لمن وقع به التوسل قط، بل هو بمنزلة التوسل بالعمل الصالح، فأي جدوى في رشوة من قد صار تحت أطباق الثرى بشيء من ذلك! وهل هذا إلا فعل من يعتقد التأثير اشتراكا أو استقلالا ولا أعدل من شهادة أفعال جوارح الإنسان على بطلان ما ينطق به لسانه من الدعاوى الباطلة العاطلة، بل من زعم أنه لم يحصل منه إلا مجرد التوسل وهو يقول بلسانه: يا فلان، مناديا لمن يعتقده من الأموات فهو كاذب على نفسه (١).
ومن أنكر حصول النداء (٢) للأموات والاستغاثة بهم استقلالا فليخبرنا ما معنى ما يسمعه في الأقطار اليمنية من قولهم: يا ابن العجيل، يازيلعي، يا ابن علوان، يا فلان يا فلان، وهل ينكر هذا منكر، أو يشك فيه شاك، وما عدى ديار اليمن فالأمر فيها أطم وأعم؛ ففي كل قرية ميت يعتقده أهلها وينادونه، وفي كل مدينة جماعة منهم، حتى إنهم في حرم الله ينادونه يا ابن عباس، يا محجوب، فما ظنك بغير ذلك! فلقد تلطف إبليس وجنوده -أخزاهم الله- لغالب أهل الملة الإسلامية بلطيفة تزلزل الأقدام عن الإسلام. فإنا لله وإنا إليه راجعون (٣).

(١) يقول الغزالي: " أليس من المضحك أن نستنجد بقوم يطلبون لأنفسهم النجدة وأن نتوسل بمن يطلب هو كل وسيلة ليستفيد خيرا أو ليدفع شرا؟ " ﴿أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه﴾ [الإسراء: ١٥٧]. عقيدة المسلم (ص ٧٧).
(٢) انظر: " مصرع الشرك والخرافة " (ص ٢١٧ - ٢٢٥). رسالة " كنت قبوريا " (ص ١٥ - ٢٨).
(٣) وليس الأقطار اليمنية فقط وليس ضريح السيد البدوي هو وحده يستقبل الملايين سنويا في مصر، فهناك ضريح الشبلي يستقبل جمهورا غفيرا من الحجاج، وهذا ما سجله الكاتب السيد محمد فريد حيث كتب يقول: " قصة واقعية من قلب مملكه الدراويش ومن الواقع الأليم الذي تعيشه أمة المجانين حيث تقع قرية الشيخ شبل مركز المراغة محافظة سوهاج، ماذا حدث في هذه القرية؟ هناك من يعبد من دون الله وتقدم إليه القرابين كل عام وله سادن يقوم على خدمته وهو المدعو " أبو النعمان الشبلي " وذات يوم ترك السادن الشمعة على جسم الوثن الخشبي فتسللت النيران إلى الخشب وأصبح الإله كتلة فحم وراح الناس يشكون ويبكون ويقولون: من فعل هذه بآلهتنا؟ ونقول لهم اسألوهم إن كانوا ينطقون .. وماذا يصنع القوم؟ قاموا على الفور وأحضروا نجارا مازقا وصنعوا على الفور صنما " بدل تالف " وانطبق على أهالي قرية الشيخ شبل قول المولى ﷿: ﴿أتعبدون ما تنحتون﴾ [الصافات: ٩٥]." مجلة التوحيد " العدد (١٢) ذو الحجة (١٤١١هـ) (ص ٤٧).

1 / 342