والوفاق، والإرفاق والإعتاق. والعدة والإنجاز، والجدة والاعواز. والفتق والرتق، والرقع والخرق.
وهو الذي يجمع الجيوش، ويرفع العروش. ويوحش المستأنس، ويونس المستوحش. وبه بنعش العاثر، ويعثر المنتعش ويجرى بالأعداء على الأعداء، وبالإيلاء للأولياء.
فبشرت بأقلامي أقاليم البشر، وعبرت بأعاجيبي عن عجائب العبر، وملأت البروج بالدراري والدروج بالدرر. ورويت تلك البشرى حتى اطابت ريا (الري) وسمر (سمرقند)، وأطربت وحلت حتى (فاقت القنديد والقند). وعلقت بفتح القدس بلاد الإسلام وزينت، وشرحت فضيلتها وبينت، وأديت فريضة زيارتها وتعينت.
ذكر حالي في العود إلى الخدمة
وكنت قد انقطعت من الصحبة؛ لما عرض لي في المرض من النوبة. فأقمت بدمشق أداوي مزتجي؛ وأداري منهاجي؛ وأعالج تدبيري وأدبر علاجي؛ إلى أن وصل الخبر بأن السلطان نزل على القدس، فوجدت خفة في النفس، وأنست بابلالي بعض الأنس، وأمنت لوثوقي بالصحة والاستقامة من النكس.
فأوجهت إلى تلك الجهة، وسرت بطاعة النفس المتنزهة، وعصيان الطبيعة المتكرهة. واخترت تعب السفر على راحة الإقامة، ورأيت في ركوب طريق العطب وجه السلامة. ووصلت بكرة السبت ثاني يوم الفتح بالسعد واليمن والنجح.
فوصلني السلطان عند وصولي بأجبى بشاشة، وأحلى هشاشة. وسرى عنه وسر، وأبر وبر. وقال أين كنت ولما أبطأت، وحيث أصبت في المجيء فما أخطأت.
وقد كنا في انتظارك، والسؤال عن أخبارك. وهذا أوان إحسانك، فأين إحسان أوانك، فأجر بنانك بجرأة بيانك، وأجر في ميدانك. وما للبشائرإلا واصفها، وللفرائد إلا راصفها. وللفصاحة إلا قسها، وللحصافة إلا قيسها.
وكان قد جمع أمس كتاب دواوينه على إنشاء كتب ما ارتضاها. واقتضاب معان ما اقتضاها. وكانوا سألوه في كتاب الديوان العزيز فقال لهذا من هو أقوم به، وعساني، فلما رآني ناداني واستدناني، فصرفت إلى امتثال أمره عناني. وسلم إلى الكتب التي كتبوها بالألفاظ التي رتبوها. وقال غيرها ولا تسيرها وغرضه أني أعدل معوجها، وأبدل مثبجها وافترع المعنى البكر للفتح البكر، وأوشح ذكر آياته بآيات الذكر.
فاستجديتها فما استجدتها، واستلمحتها فما استملحتها. وشممتها وبها سهك، وكشفتها وسترها هتك، وكانوا قد تعاونوا عليها وفيها لهم شرك. فتسرعت في افتضاض الأبكار، واقتضاء الأبكار، واقتضاء الأفكار. واقتراح القريحة، واقتراء رحاب الكلم الفصيحة الفسيحة.
1 / 74