244

فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

اصناف

غيرة منه على دينه عز وجل فيمن عبد الله خالصا لكن عند قبر رجل صالح حذرا من الفتنة والشرك هذا إذا كان غير الله فكيف إذا عبده فيكون التغليظ أولى وألزم وفي الصحيح عن عائشة -رضي الله عنها- أن أم سلمة ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنسية رأتها بأرض الحبشة وما فيها من الصور والتماثيل لما كانوا يصورون عيسى وأمه والأنبياء تعظيما لهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح -شك في الراوي- بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق" 1. لنبذهم حكم الله ورسوله واتباعهم الآباء والأهواء فهؤلاء جمعوا بين الفتنتين اللتين أكثر الناس قد ضلوا بهما إحداهما فتنة القبور وقد ضلت بها أمم لا يحصيهم إلا الله، والثانية فتنة التماثيل وقد ضلت بها فئام أيضا ولهما عنها قالت: لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم أي وقع به الأمر اللازم الذي ليس لأحد عنه مفر طفق أي شرع يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم بها كشفها فقال وهو كذلك أي في هذه الحالة لشدة اهتمامه واعتنائه بالوحدانية التي هي زبدة الرسالة: "لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". يحذر صلى الله عليه وسلم بقوله أمته عن ما صنعوا ولولا ذلك الحذر لأبرز قبره # غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا إذا أبرز أخرجاه1، ولمسلم عن جندب بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس ليال وهو يقول: "إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل فإن الله قد اتخذني خليل كما اتخذ إبراهيم خليلا ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا" 2. لما رأيت منه التصديق والنصح لله ورسوله ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد فيقعون في الشرك والكفر بالغلو فيهم ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فتقعون فيما وقعوا فيه فإني أنهاكم عن ذلك فقد نهى عنه في آخر حياته ثم إنه لعن وهو في السياق من فعله وذلك لأن التردد على القبور يوجب ما قاله وذلك يورث عبادتهم والصلاة عندها من ذلك وإن لم يبن مسجد وهو معنى قولها خشي أن يتخذ مسجدا فإن الصحابة لم يكونوا ليبنوا حول قبره مسجدا وكل موضع قصدت الصلاة فيه فقد اتخذ مسجدا بل كل موضع يصلى فيه يسمى مسجدا، كما قال صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا".

ولأحمد بسند جيد عن ابن مسعود مرفوعا: "إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء والذين يتخذون القبور مساجد" رواه ابن حبان في صحيحه3.

صفحہ 293