فقال: كل تقي من أمته «ولفظ الديلمي «آل محمد كل تقي، ثم قرأ: ﴿إن أولياؤه إلا المتقون﴾» وقوله ﷺ «إن آل بني فلان ليسوا لي بأولياء، إنما وليي الله وصالح المؤمنين» والله أعلم.
مطلب آية الكرسي ربع القرآن
(سئل) عن قوله ﷺ: آية الكرسي ربع القرآن، ما الحكمة من ذلك؟.
(أجاب) إنما كانت ربع القرآن لاشتماله على التوحيد والنبوات وأحكام الدارين، وآية الكرسي ذكر فيها التوحيد، فهي ربعه بهذا الاعتبار، والمراد أن ثواب قراءتها يعدل قراءة ربع القرآن، وفي حديث أنها سيدة القرآن؛ أي من حيث دلالتها على الصانع تعالى وعلمه وقدرته، والله أعلم.
مطلب آية ما بيننا وبين المنافقين شهود العشاء والصبح الخ
(سئل) ما معنى قوله ﷺ «آية ما بيننا وبين المنافقين شهود العشاء والصبح، لا يستطيعونهما»؟.
(أجاب) يعنى أن المؤمن يحضر الجماعة لصلاة العشاء والصبح ويفعلهما بنشاط وانبساط بغير كلفة في حضور المسجد لصلاتهما جماعة، وأما المنافق فيراهما ثقيلين فلا يستطيع فعلهما بخفة ونشاط، كما يوضح ذلك حديث الشيخين «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والصبح» وذلك لأن العشاء وقت الاستراحة، والصبح وقت لذة النوم صيفا وشدة البرد شتاء، وأما المتمكنون في إيمانهم فتطيب لهم هذه المشاق لنيل الدرجات؛ لأن نفوسهم مرتاضة بأمثالها متوقعة في مقابلة ذلك، تستخف لأجله المشاق وتستلذ بسببه المتاعب، كما تعتقد في ذلك من الفوز العظيم بالنعيم المقيم والخلاص من العذاب الأليم، ومن طاب له شيء ورغب فيه حق رغبته احتمل شدته ولم يبال بما يلقى من مؤنته، ومن أحب شيئا حق محبته أحب احتمال محنته حتى إنه ليجد بتلك المحنة ضروبا من اللذة. ألا ترى أن جاني العسل لا يبالي بلسع النحل لما يتذكر من حلاوة العسل؟ وكذلك الأجير لا يعبأ بارتقاء السلم الطويل مع الحمل الثقيل طول النهار؛ لما يتذكر من أخذ الأجرة آخر النهار، وكذلك الفلاح لا يتكدر بمقاساة الحر والبرد ومباشرة المشاق والكد طول السنة؛ لما يتذكر من أوان الغلة، فكذلك المؤمن المخلص إذا تذكر الجنة في طيب مقيلها وأنواع نعيمها، هان عليه ما يتحمله من مشقة هاتين الصلاتين وحرص عليهما، بخلاف المنافق، والله تعالى أعلم.
مطلب آخر أربعاء في الشهر يوم نحس مستمر الخ
(سئل) ما معنى قوله ﷺ آخر أربعاء في الشهر يوم نحس مستمر مع أنه نهى عن التطير؟.
(أجاب) قال السهيلي: نحوسة يوم الأربعاء على من تشاءم وتطير، بأن كان عادته التطير، وتلك صفة من قل توكله، فذلك الذي يضره نحوسته في تصرفه فيه، أما من اعتقد أنه لا ينفع ولا يضر إلا الله تعالى، فليس هو بنحس عليه، ويجوز كون الأربعاء نحس على طريق التخويف والتحذير؛ أي احذروا ذلك اليوم لما نزل فيه من العذاب وكان فيه من الهلاك
1 / 59