توبته بدليل قوله تعالى ﴿ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾ ولأن الكفر أعظم من هذا القتل، وإذا كانت توبة الكافر من كفره مقبولة بدليل قوله تعالى ﴿قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف﴾ فلأن تقبل من الكافر أولى، والله أعلم.
مطلب: في قوله تعالى ﴿يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا﴾ إلخ؟
(سئل) عن قوله تعالى ﴿يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يوارى سوآتكم وريشا ولباس التقوى﴾ ما معنى الريش ولباس التقوى؟
(أجاب) قال ابن عباس: الريش يعني المال؛ لأن المال ما يتزين به. وقال ابن زيد: الريش الجمال، وقيل: المتاع والأموال عندهم، ولباس التقوى العمل الصالح، أو اللباس؛ لأنه يستر العورة، وسترها من التقوى. وقوله ﴿إنا أنزلنا عليكم﴾ وهو أن الله تعالى أنزل المطر من السماء، وهو سبب نبات اللباس وجلب المال وغيره، والله أعلم.
مطلب: في قوله تعالى ﴿وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين﴾ الآية
(سئل) عن قوله تعالى ﴿وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن﴾ ما المراد بالشياطين وهل من الإنس شياطين؟
(أجاب) الشيطان كل عات متمرد من الجن والإنس، وكذلك شياطين الإنس أشد تمردا من شياطين الجن؛ لأن الجن إذا عجز عن إغواء المؤمن الصالح وأعياه استعان على إغوائه بشيطان الإنس ليفتنه، ويدل على صحة ذلك قوله ﷺ لأبي ذر «هل تعوذت بالله من شيطان الجن والإنس؟ فقال أبو ذر: يا رسول الله، وهل للإنس من شيطان؟ قال: نعم، هم شر من شياطين الجن.» وقال مالك بن دينار: إن شيطان الإنس أشد علي من شيطان الجن؛ وذلك أني إذا تعوذت بالله ذهب شيطان الجن، وشيطان الإنس يجيئني فيجرني إلى المعاصي، وهذه الآية فيها تسلية للنبي ﷺ أي: كما جعلنا لمن قبلك أعداء كذلك جعلنا لك عدوا، والله أعلم.
مطلب: في قوله تعالى ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت﴾ إلخ
(سئل) عن قوله تعالى ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت﴾ ما المراد بالمحو والإثبات؟
(أجاب) المعنى كما أن الكفار اعترضوا على رسول الله ﷺ وقالوا: إن محمدا يأمر أصحابه بأمر اليوم ثم يأمرهم بخلافه غدا، وما سبب ذلك إلا أنه يقول من تلقاء نفسه، فأجاب الله تعالى عن هذا الاعتراض بقوله ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت﴾. وقال سعيد بن جبير وقتادة: يمحو الله ما يشاء من الشرائع والفرائض، فينسخه ويبدله، ويثبت ما يشاء من ذلك، فلا ينسخه ولا يبدله. وقال ابن عباس: يمحو الله ما يشاء ويثبت إلا الرزق والأجل والسعادة والشقاوة. وقال سعيد بن جبير: يمحو الله ما يشاء من ذنوب عباده فيغفر. وقال عكرمة: يمحو الله ما يشاء من الذنوب ويثبت بدل الذنوب حسنات. وقال الربيع: هذا في الأرواح يقبضها الله تعالى عند النوم، فمن أراد الله تعالى موته محاه وأمسكه، ومن أراد بقاءه أثبته ورده إلى صاحبه. وقيل: يمحو الله ما يشاء الدنيا ويثبت الآخرة. وقيل: هي المحن والمصائب، فهي مثبتة في الكتاب يمحوها بالدعاء
1 / 43