الناس والمطر والدواب والرياح والسحاب دلالة عظيمة على وجود الصانع القادر المختار، وأنه الواحد في ملكه لا شريك ولا نظير له، وذلك ﴿لآيات﴾ أي: دلائل على وحدانيته ﴿لقوم يعقلون﴾ أي: يتدبرون وينظرون في خلقه تعالى، والله تعالى أعلم.
مطلب: ما معنى قوله تعالى: ﴿تولج الليل في النهار﴾ الآية؟
(سئل) ما معنى قوله تعالى: ﴿تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي﴾ الآية؟
(أجاب) الولوج هو الدخول، وهو أن يجعل ﷾ الليل قصيرا وما نقص منه يكون زائدا في النهار، ويجعل النهار قصيرا وما نقص منه يكون زائدا في الليل. وقيل: المراد أنه تعالى يأتي بسواد الليل عقب ضوء النهار، ويأتي بضوء النهار بعد ظلمة الليل، وأنه ﷾ يخرج الإنسان الحي من النطفة، ويخرج الفرخ وهو حي من البيضة وهي ميتة، وبالعكس. وقيل: يخرج النبات الأخضر من الحب اليابس، ويخرج النخلة من النواة، وعكسه. وقيل: إنه تعالى يخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن؛ لأن المؤمن حي الفؤاد والكافر ميته، وهو ﷾ يرزق من يشاء بغير حساب، أي: رزقا واسعا من غير تضييق ولا تعسير، بل يبسط الرزق لمن يشاء ويوسعه والله أعلم.
مطلب: ما معنى قوله تعالى: ﴿إن مثل عيسى عند الله﴾ الآية؟
(سئل) ما معنى قوله تعالى: ﴿إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون﴾؟
(أجاب) قيل: إن رهطا من أهل نجران قالوا للنبي ﷺ: يا محمد، هل رأيت إنسانا قط من غير أب؟ فنزلت هذه الآية، يعني إن مثل عيسى في الخلق والإنشاء في كونه خلق من غير أب كمثل آدم خلقه من تراب، لا من أب وأم، ومن أقر بأن الله تعالى خلق آدم من تراب يابس وهو أبلغ في القدرة، فلم لا يقر بأن الله تعالى خلق عيسى ابن مريم من غير أب. حكي أن بعض العلماء أسر في بلاد الروم، فقال لهم: لم تعبدون عيسى؟ قالوا: لأنه لا أب له، فقال لهم: فآدم أولى؛ لأنه لا أب له ولا أم، فقالوا: فإنه كان يحيي الموتى، فقال لهم: فحزقيل أولى؛ لأن عيسى أحيا أربعة نفر، وحزقيل أحيا ثمانية آلاف، فقالوا له: إنه كان يبرئ الأكمه والأبرص، فقال لهم: فجرجيس أولى؛ لأنه طبخ وأحرق ثم خرج سليما، وقال له: كن فلانا. وقوله تعالى: ﴿فيكون﴾ أراد هنا بالمستقبل الماضي أي: فكان لا محالة، والله تعالى أعلم.
مطلب: ما معنى قوله تعالى: ﴿وسارعوا إلى مغفرة من ربكم﴾ الآية؟
(سئل) عن قوله تعالى: ﴿وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض﴾ الآية، وكيف يكون طولها؟
(أجاب) يعني بادروا وسابقوا وأقبلوا إلى ما يوجب لكم المغفرة من ربكم، وهي الأعمال الصالحة. وقال ابن عباس: سارعوا إلى الإسلام أو إلى التوبة؛ لأن التوبة من الذنوب توجب المغفرة. وقال علي بن أبي طالب: إلى أداء الفرائض. وروي عن أنس بن مالك وسعيد بن جبير أنها التكبيرة الأولى أي: تكبيرة الإحرام، وقيل: إلى الإخلاص في الأعمال، وخص العرض في الجنة
1 / 40