37

Fatawa al-Salah

فتاوى الصلاة

تحقیق کنندہ

عبد المعطى عبد المقصود محمد

ناشر

مكتب حميدو

وذلك أنه قد ثبت بالنقل المتواتر عن النبي ﷺ: «أنه كان يصلي الصلوات الخمس في خمس مواقيت: في حال مقامه بالمدينة، وفي غالب أسفاره حتى أنه في حجة الوداع - آخر أسفاره - كان يصلي كل صلاة في وقتها ركعتين، وإنما جمع بين الظهر والعصر بعرفة، وبين العشائين بمزدلفة؛ ولهذا قال ابن مسعود: ما رأيت رسول الله ﷺ صلى صلاة لغير وقتها، إلا المغرب ليل جَمْع، والفجر بمزدلفة. وإنما قال ذلك لأنه غلس بها تغليساً شديداً، وقد بين جابر في حديثه أنه صلاها حين طلع الفجر.

ولهذا اتفق المسلمون على الجمع بين الصلاتين بعرفة ومزدلفة؛ لأن جمع هاتين الصلاتين في حجة الوداع دون غيرهما، مما صلاه بالمسلمين بمنى أو بمكة هو من المنقول نقلاً عاماً متواتراً مستفيضاً.

وثبت عنه أنه بين مواقيت الصلاة بفعله لمن سأله عن المواقيت بالمدينة، كما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي موسى، وحديث بريدة بن الحصيب، وبين له جبريل المواقيت بمكة، كما رواه جابر، وابن عباس. وروى مسلم في صحيحه المواقيت من كلام النبي ﷺ، من حديث عبد الله بن عمر، وهو أحسن أحاديث المواقيت؛ لأنه بيان بكلام النبي ﷺ حيث قال:

«وقت الفجر ما لم تطلع الشمس، ووقت الظهر ما لم يصر ظل كل شيء مثله، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت المغرب ما لم يسقط نور الشفق، ووقت العشاء إلى نصف الليل»(٧)

وقد روى نحو ذلك من حديث أبي هريرة مرفوعاً، وفيه نظر. وعلى هذه الأحاديث اعتمد الإمام أحمد لكثرة اطلاعه على السنن، وأما غيره من الأئمة فبلغه بعض هذه الأحاديث دون بعض، فاتبع ما بلغه، ومن اتبع ما بلغه فقد أحسن، وما على المحسنين من سبيل.

وقال ﷺ في غير حديث: «سيكون أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها فصلوا الصلاة لوقتها، ثم اجعلوا صلاتكم معهم نافلة» فهذا دليل على أنه لا يجوز تأخير الأولى إلى وقت الثانية ولا يجوز الجمع لغير حاجة: فإن الأمراء لم يكونوا يؤخرون صلاة النهار إلى الليل، ولا صلاة الليل إلى النهار، ولكن غايتهم أن يؤخروا الظهر

(٧) عن عبد الله بن عمرو وليس ابن عمر مسلم جـ ٤ ص ١١٢ شرح النووي وكذا رواه أبو داود والنسائي.

37