قال: «وما الذي تحمله إليه؟»
قال: «أحمل إليه رسالة من مصر.»
قال: «أين هي؟ هاتها ... إننا من رجاله.»
قال: «لا أسلمها إلا إليه ... دعوني أسير في طريقي.» قال ذلك وأدار زمام هجينه فاعترضوه ومنعوه وألحوا عليه أن يدفع إليهم الرسالة وهو لا يرضى. فقال له أبو حامد: «إنك كاذب، لست قادما من مصر؛ لأن القادم منها لا يأتي منفردا في هذه الصحراء ... اصدقنا وإلا قتلناك.»
قال: «كنت قادما في قافلة نزلت عند الغروب على ماء هناك وأسرعت وحدي لتبليغ الرسالة؛ لأنها مستعجلة لا بد من إيصالها قبل انقضاء هذا اليوم.»
فقال أبو حامد: «لا شك أنك كاذب، بل أنت لص أو جاسوس، ونحن من رجال الخليفة فإذا كنت صادقا فادفع لنا الرسالة، والخليفة الآن في قصره، لا تدركه إلا وقد نام.»
قال: «إن الرسالة خصوصية له، وقد أمرت أن لا أسلمها إلى أحد سواه ولو كان ابنه. وقد أوصيت أن أدفعها إليه حال وصولي، وإذا كان نائما أيقظته، وإذا كان متكئا لا أمهله أن يجلس قبل أن أدفعها إليه. هذا ما أمرت به، فإذا كنتم من رجال الخليفة كما تزعمون، فدعوني أذهب في سبيلي.»
فقال أبو حامد: «أعطنا الرسالة وإلا قتلناك.»
فقال: «اقتلوني ولا أسلمها إلى لصاحبها.»
ولم يتم كلامه حتى سمعت لمياء استلال الحسام ورأت أحدهم ضرب ذلك الهجان بالسيف على رأسه فسقط عن الجمل قتيلا. وصاح أبو حامد وهو يقهقه من الضحك: «أوصل إليه الرسالة، أو تمهل، إنكما ستلتقيان في السعير بعد قليل.»
نامعلوم صفحہ