قالت: «سمعت ... أمثل هذا الرجل ي...»
فقطع كلامها قائلا: «دعيني أتم حديثي ... إن ما لقيته من ذلك الإكرام وما آنسته من سعة صدره وطيب عنصره وحب أم الأمراء لك قد أثر في كثيرا.»
فأبرقت أسرتها وضحكت والدموع تتدحرج على خديها من الدهشة وقالت: «هل أثر فيك ذلك؟ هل يليق أن؟»
قال: «اسمعي ... إني وجدت الأمر الذي كنا قد عزمنا عليه خيانة لا تليق بنا.»
فلم تتمالك عن الإسراع إلى يده فتناولتها وأخذت تقبلها ودموع الفرح تتساقط من عينيها وقالت: «الحمد لله ... قد فرجت كربتي ... صدقت يا أبتاه إن أمير المؤمنين لا يستوجب هذه الخيانة ولو عرفت مقدار حب أم الأمراء لي لازددت حرصا على حياتهما ... بالله قل هل عدلت عن عزمك؟»
قال: «رجعت عن مائدة المعز وأنا أحدث نفسي بذلك، وكنت أحسب أبا حامد لا يوافقني عليه فوجدته أشد رغبة مني فيه؛ لأنه رأى ما رأيته وأنت تعلمين ذكاء هذا الصديق وتعقله.»
فتضاعف استغرابها؛ لأنها لم تكن تتوقع هذا الفرج المزدوج وكانت عازمة على تحريض أبيها أن يوافقها ولو خالف أبا حامد. فلما رأت أبا حامد موافقا له على العدول انبسطت نفسها وتولتها الدهشة لهذه المفاجأة فقالت: «وقد وافقك أبو حامد على العدول أيضا؟»
قال: «وليس ذلك فقط لكنه خلصنا من أمر آخر يتعلق بسالم.»
فلما سمعت اسم سالم انقبضت نفسها؛ لتذكرها المشكل الذي لم تجد له حلا أمس فقالت: «وكيف خلصنا من أمر سالم؟ أين هو الآن؟»
قالت ذلك وقد صبغ الحياء وجهها وعلاه قلق واضطراب.
نامعلوم صفحہ