فأكبت على يدها لتقبلها شكرا على هذا الصنيع. فمنعتها أم الأمراء من ذلك وتركتها وخرجت.
الفصل الثالث عشر
المعارضة
فمكثت لمياء برهة ثم مشت إلى أم الأمراء فرأتها قد أعدت الثوب فلبسته وأصلحت من شأنها حتى لا يشك من يراها أنها غلام صقلبي وودعتها. فأرشدتها إلى الطريق الأقرب المؤدي إلى باب البلد.
فمشت وهي ثابتة القدم لا يعتريها خوف. فمرت في الحديقة لا يستغشها أحد وأهل القصر مشغولون في مهامهم حتى وصلت باب البلد فإذا هو موصد والخفر وقوف عنده بأسلحتهم. فطلبت إليهم أن يفتحوا لها الباب؛ لأنها ذاهبة في مهمة مستعجلة إلى معسكر صاحب سجلماسة. ففتحوه ولا يشك أحد منهم أنها رسول صقلبي.
ففرحت بانطلاء حيلتها وخرجت فإذا هي في الخلاء. ونظرت نحو معسكر والدها فعرفت مكانه من النار الموقدة عنده فمشت بسرعة والظلام حالك والمكان خال وكل شيء هادئ. فلم تمش يسيرا حتى رأت شبحا طويلا يدنو منها وعليه عباءة سوداء قد التف بها ومشى نحوها بهدوء فتحولت عن جهته لئلا يعترضها. فإذا هو قد وقف لها ونادى: «من الرجل؟»
فقالت: «رسول من أمير المؤمنين إلى هذا المعسكر.»
فقال: «قف عندك.»
ولما سمعت الصوت اقشعر بدنها؛ لأنها تذكرت صوتا تعرفه لكنها تجلدت وتجاهلت وقالت: «دعني ... إني سائر لأمر مستعجل.»
فناداها قائلا: «لا يخرج الرسل من هذا القصر ليلا.»
نامعلوم صفحہ