فقال الحسين: «إنه فاطمي رغم خيانتك وغدرك.»
فقالت بنت الإخشيد: «الذي أوقعك في هذا الأسر، ما كان أغناك عنه.»
قال: «وقعت فيه تفانيا في خدمة مولاي المعز، وقد فزت - والحمد لله - بما أردت فأخذت المال الذي خزنوه في فج الأخيار وبعثت به إلى القيروان وهو الآن مع والدي وقد صبوه قطعا كالأرحية حملوها معهم على الجمال ...»
قال أبو حامد: «لا تكذب!»
قال: «إنما الكاذب أنت! إني قد فعلت ما يطلب مني وأرسلت ذلك المال إلى مولاي المعز، وسيستعين به في فتح مصر، ولا يغرنك ما أتاه رجالك من الخيانة في القبض علي؛ فإن ذلك غير ضائري. قد قمت بما علي وإذا مت الساعة لا أبالي؛ فإن الأعلام الفاطمية لا تلبث أن تخفق فوق الفسطاط وإذا لم أوفق إلى رؤيتها وأنا حي فإن عظامي تراها وتفرح.»
فأعجبت بنت الإخشيد بتلك الجسارة التي لا تقدر أن تتصورها ولا سمعت بمثلها لما نشأت عليه من الخمول والرخاء، فالتفتت إلى لمياء فرأتها - مع عظم تأثرها - قد غلب البشر على محياها فقالت لها همسا: «أستغرب ما أسمعه.»
قالت: «لا تستغربي يا سيدتي؛ فإن ذلك شأن أولئك الأقوام وهم لم يفتحوا أفريقية إلا بمثل هذا التفاني.»
قالت: «ومع ما سمعته من هذا الشاب فإني شعرت بانعطاف إليه ولم يعجبني تطاول هذا السجلماسي.»
فلم تتمالك عن الانتصار لحبيبها فقالت: «فكيف لو علمت الفرق بين الرجلين بالأخلاق.»
قالت: «هل تعرفين شيئا عنهما؟»
نامعلوم صفحہ