فاستأنف مسلم الحديث بعد أن بلع ريقه وقال: «لم يكتفوا بموته ... فبعد أن دفنوه نهضت جماعة ممن لا خلاق لهم وهموا بنبشه في قبره
1
هل سمعت بأفظع من ذلك ... هذا مثال صغير مما قاساه الشيعة في هذا البلد ... وناهيك بما نسمعه بآذاننا من الإهانات والنكايات؛ فإنهم يتعرضون للمارة فيطلبون من أحدهم أن يقول: «معاوية خالي»، أو «معاوية خال علي»، فإذا لم يقل أهانوه أو قتلوه.»
الفصل الثالث والخمسون
الحيرة
كانت لمياء تسمع ذلك القول وبدنها يقشعر وعيناها تذرفان الدموع ومسلم يغص بريقه من فرط التأثر ويعقوب يظهر التألم مما يسمعه، ثم تصدت للكلام وقد أبرقت عيناها من التفكير وقالت: «لا تحزن يا سيدي قد دنا الوقت لإنقاذ هذه الشيعة المظلومة ... إن الله مع الصابرين.»
فتنهد الشريف مسلم وقال: «لقد طال صبرنا يا بنية ولا نظننا نصل إلى ثماره - كأنه قد كتب علينا الاضطهاد وكتب على الخلافة أن تبقى في غير أهلها لحكمة لا نفهمها!»
فقالت لمياء: «أليست الخلافة الآن في بيت الرسول بالقيروان، إنها ستبقى فيهم مدى الزمان ... قد كتب لهم النصر ولا يمضي كثير حتى ترى أعلامهم تخفق على سائر البلدان - بإذن الله.»
وكانت لمياء تتكلم ومحياها يشرق سرورا كأنها تقول ما تقوله عن ثقة.
فأعجب الشريف بما بدا من حماستها، وقال: «إن وجود مثلك بين أنصارنا يبشرني بفوز عظيم.»
نامعلوم صفحہ