لا إله إلا الله المعطي ما شاء من شاء! كنت أرعى إبل الخطاب في مدرعة صوف، وكان فظا يتعبني إذا عملت، ويضربني إذا قصرت، وقد أمسيت وليس بيني وبين الله أحد ...
ثم تمثل بأبيات من الشعر.
2
ولم يكن الخطاب يتزوج من النساء لشهوة، بل ليكثر ولده؛ فقد كانت كثرة الولد بعض ما تفاخر به العرب، وأنت تذكر أن عبد المطلب جد النبي عليه السلام أحس قلة حوله في قومه لقلة أولاده، فنذر إن ولد له عشرة بنين ثم بلغوا معه أن يمنعوه لينحرن أحدهم لله عند الكعبة، وقد ذكرنا أن بني عدي كانوا يحسون قلة حولهم لقلة عددهم، ولذلك أجلاهم بنو عبد شمس عن منازلهم عند الصفا، فلا عجب أن يلتمس الخطاب كثرة الولد يمتنع بها ما استطاع.
وكان الخطاب رجلا ذكيا، موفور الاحترام في قومه، شجاعا يخوض المعارك على رأس بني عدي في جرأة وثبات جنان، اشتركت بنو عدي في حرب الفجار، فكان على رأسها زيد بن عمرو بن نفيل والخطاب بن نفيل عمه وأخوه لأمه؛ ذلك أن نفيلا كان على جيداء فولدت له الخطاب وعبدنهم، ثم مات نفيل فتزوج ابنه عمرو زوجته جيداء، وكان من أم غيرها، وقد كان هذا نكاحا ينكحه أهل الجاهلية، وولدت جيداء لعمرو زيد بن عمرو، فكان للخطاب أخا وابن أخ،
3
وتقارب الرجلين في السن هو الذي جعلهما على رأس قومهما في حرب الفجار.
ولما اعتزل زيد بن عمرو عبادة الأوثان وامتنع من أكل ما يذبح لها، جعل يقول لقومه: «أيرسل الله قطر السماء، وينبت بقل الأرض، ويخلق السائمة فترعى منه وتذبحوها لغير الله! والله ما أعلم على ظهر الأرض أحدا على دين إبراهيم غيري!» ثم قال الشعر يدعو إلى نبذ عبادتها،
4
عند ذلك خاصمه الخطاب واشتد في خصومته وألب عليه جماعة من قريش أخرجوه من مكة ومنعوه أن يدخلها، وكان الخطاب أشدهم في ذلك وأقساهم عليه.
نامعلوم صفحہ