فإذا حسبنا عملية الحياة مجدا وفخرا في الخليقة فمجرتنا وسائر المجرات غير شاعرة بهذا المجد الذي لا ينطفئ لمعانه لدى لمعان أمجادها السموية، وإنما للأرض وحدها أن تفتخر وتتمجد بأن هذه العملية العجيبة - في نظر العقل البشري - كانت من حظها وحدها. وكانت مهدا لنشوء العقل الذي هو أعجب منها وأمجد، ويمكن أن نسميه فخر الوجود كله.
فعلى سطح هذا السيار الأرضي وحده نشأ مصادفة أعجب آيات الخليقة وأغربها وأمجدها - الحياة. ثم العقل. ثم العقل الاجتماعي. ثم ... ماذا؟
الفصل السابع
الدورية في الحياة
(1) التكرار عمل دوري
Rithm
ليست الدورية في الحياة دورانا حول مركز في جو جاذبي، وإنما هي تكرار كل عملية حيوية مرارا لا يحصى عديدها في أمد طويل؛ تعاد العملية نفسها المرة بعد المرة، ولا يحدث فيها تغير إلا بعد زمن طويل بحكم تأثير البيئة، ولا يشعر بهذا التغير إلا بمقارنة جديده بقديمه إن أمكنتك المقابلة. وهذا هو المراد بالتطور.
على أن الدورية على هذا النحو تتضمن العمل الجاذبي في أدق مجاريها؛ العمل الجاذبي في الذرات بين الإلكترونات والبروتونات، ولولاه لما أمكن حدوث الدورية على الإطلاق؛ إذ لا يخفى عليك أن الدوران الكهيربي - الإلكتروني - حول النواة في الذرة والجزيء هو سبب كل حركة، هو الحركة الأولى الصادرة مباشرة من ينبوع الطاقة - القوة الجاذبية - فحيثما وجدت عملا دوريا فتعقبت علته بلغت إلى دوران الكهيربات حول النوى، يتضح ذلك في ضرب الأمثلة بأهم أنواع الدورية وأظهرها.
في أبسط الخليات الجرثومية ترى تحت المجهر - المكرسكوب - مجرى بين نواة الخلية - بروتوبلاسم - وغلافها يجري فيه سائل دائر حول النواة، إلى هذا السائل تدخل من الخارج المواد المغذية للخلية، وتخرج منه إلى الخارج المواد التالفة، التي انتهى عملها في حياة الخلية. يدور هذا السائل بفعل انقباض جانب من الخلية وتمدد جانب آخر بالتناوب، وهذا التناوب في الانقباض والتمدد ناتج من تعاقب العمليات الكيماوية التي تحدث تباعا في النواة وغلافها وما بينهما من اتصالات، والعمليات الكيماوية هذه نتيجة التآلفات الكيماوية المتعاقبة بين الذرات، وما هي إلا الجاذبية في أفلاك الذرات.
لسائل كل خلية من الخلايا المتنوعة المفردة أو المتجمعة الملتحمة هذه الدورية العامة، وبين الخلايا المتجمعة الملتحمة
نامعلوم صفحہ