الحياة ألفة كيماوية
الحياة نشوء آخر يختلف في ظاهراته كل الاختلاف عن نشوء الأجسام المادية غير الحية. هو درجة ثانية من درجات الوجود أعلى من درجة المادة «الميتة»، كأنه كون آخر مستقل في ذاتيته وطبيعته كل الاستقلال عن الكون المادي، ولكنه بالحقيقة مادي الجوهر والحركة، بمعنى أن الجسم الحي مؤلف من ذرات المادة، ولكن بنظام آخر يختلف عن نظام المادة، فهل هو متمش على نفس سنن الطبيعة الأساسية كالجاذبية والألفة الكيماوية؟ أم أن له سننا أخرى خاصة به؟
الظاهر لنا أن الحياة لأنها قائمة بالمادة هي خاضعة لنواميس حركة المادة؛ وإذن حركتها مستمدة من نفس القوى الفاعلة في المادة - جاذبية، وألفة كيماوية - وحركتها ذاتية، بمعنى أنها مختزن القوة المادية، ثم تتصرف بها تصرفا خاصا يلائم كيانها، وحركتها نتيجة هذا التصرف.
وهذه الحركة نوعان: حركة في داخل الجسم الحي بين أجزائه، شائعة في النبات والحيوان، وحركة تنقل الجسم الحي كله من حيز إلى حيز، وهي خاصة بالحيوان على الغالب. فما هو سر الحياة الذي هو مستودع القوة الحيوية؟ وما هو مصدر هذه القوة؟
لا نعرف وجودا للحياة كما نعرفها إلا على أرضنا، فلا شأن لنا بها إذا كانت موجودة في جرم آخر، سواء كانت هناك بنفس الخواص التي نعرفها هنا أو كانت تختلف عما نعرفه.
نعرف أن الجسم الحي مهما كان نوعه مؤلف من جزيئات
Molecules
عديدة الذرات جدا ليس لها مثيل بكثرة ذراتها في سائر جزيئات الغازات والسوائل والجوامد ، لا على الأرض ولا فيما استدل عليه في الأجرام الحارة وفي الأجرام الباردة، من أنواع الذرات والجزيئات. فكأن سر الحياة مودع في الجزيء العديد الذرات، فنبحث عنه في هذا الجزيء.
الجسم الحي من أبسط أنواعه - الأميبا - إلى أكثرها تركبا وتعقدا - الإنسان - مؤلف من ثلاثة أصناف من المركبات الكيماوية، وكل صنف منها عديد الأنواع بتعدد أنواع الخليات. وهي:
أولا:
نامعلوم صفحہ