أن هذا التقلص - أي: صغر الحجم - مع بقاء «القوة الدورانية» على حالها؛ أي من غير نقص فيها؛ يجعلان الدورة المحورية أسرع في منطقة التقلص الأشد.
ينجم عن ذلك أن هذا السديم لا يبقى دائرا على محوره كتلة واحدة، بل تختلف سرعة الدوران باختلاف إبعاد الطبقات عن المحور، أسرعها أقربها إليه، وفي خلال هذا التطور يحدث أمر آخر وهو تهابط الطبقات القربى إلى المركز دون الطبقات القصوى؛ لأن الطبقات القربى تكون تحت تأثير الجاذبية المركزية الأشد، والطبقات القصوى تكون من جهة تحت تأثيرها الأضعف، ومن جهة أخرى تحت تأثير جاذبية السدم الأخرى المجاورة مهما كانت بعيدة، إذ يفعل فيها كفعل المد
Tide «كما يفعل القمر في الأرض» فتحفظها بعيدة عن المركز الأصلي فيما تكون الطبقات القربى هابطة إليه؛ فيتسع المجال بين القسم المتقلص والقسم المتخلف، ويشرع هذا يملك استقلاله عن ذاك رويدا.
ينتج عن هذا أيضا أن الطبقات القصوى تصبح حلقات حول السديم كحلقات زحل، ويكون تأثير التجاذب بين أجزاء هذه الحلقات أقوى من الجذب المركزي الداخلي والجذب الخارجي من ناحية السدم المجاورة، وتحت تأثير تجاذبها الذاتي تتقطع إلى كتل تتجاذب أجزاء كل منها إلى مركز فيها، وهذه بنوبتها تتقلص بأسرع من تقلص الأم لصغرها:
أولا:
لأن إشعاعها أيسر فأسرع.
وثانيا:
لأن قوتها الدورانية أضعف.
كل كتلة من هذه الكتل تستقل بدوران محوري خاص بها يجعلها في بدء حياتها كروية الشكل، وفي الوقت نفسه تستمر في دورانها المركزي حول الأم بأبطأ جدا من الطبقات الهابطة نحو المركز.
هذا التطور الذي حدث للطبقة القصوى من السديم يتوالى على كل طبقة دونها على هذا النحو تماما، وبنفس العوامل التي ذكرناها؛ فكل طبقة تتخلف بنوبتها عن الطبقة التي دونها، حتى متى قل فعل الجذب المركزي الأصلي فيها عن فعل تجاذب أجزائها تقطعت إلى كتل، وكل كتلة تستقل بدوران محوري خاص تحت تأثير تجاذبها المركزي الخاص بشكل كروي، ولكنها تستمر بدورانها حول الأم على نحو ما فعلته سالفاتها التي بعدها.
نامعلوم صفحہ