فلسفہ قاریہ: مقدمہ قصیرہ
الفلسفة القارية: مقدمة قصيرة جدا
اصناف
في الفصل السابع، قمت بتوسيع مناقشة العلاقة بين التصورين العلمي والتأويلي للعالم عن طريق تناول مسألة «العلموية» في مقابل «الظلامية». إن حقيقة أن جانبا كبيرا من الفلسفة في التقليد القاري يمكن أن يقال إنه استجابة للشعور بالأزمة في العالم الحديث، ومحاولة لإنتاج وعي نقدي للحاضر بتوجه تحرري؛ تساعد إلى حد كبير في تحديد الفارق الأكثر بروزا وإثارة الذي يميزه عن جانب كبير من الفلسفة التحليلية؛ ألا وهو «مناهضة العلموية». يكمن نقد التقليد القاري للعلموية في الاعتقاد بأن نموذج العلوم الطبيعية لا يمكن - وعلاوة على ذلك، لا «ينبغي» - أن يقدم نموذجا للمنهج الفلسفي، وأن العلوم الطبيعية لا توفر للبشر السبيل الأساسي والأكثر أهمية لفهم العالم. يجد المرء هذا الاعتقاد معلنا عنه لدى مجموعة كبيرة من مفكري الفلسفة القارية، مثل هنري برجسون وهوسرل وهايدجر والفلاسفة المرتبطين بمدرسة فرانكفورت منذ ثلاثينيات القرن العشرين وما بعدها. هذا القلق حيال العلموية مشروع، ولكنه أيضا تعرض في العقود الأخيرة لخطر الانصهار في توجه مناهض للعلموية، هذا الخطر هو خطر «الظلامية». ومن وجهة نظري، القطبان اللذان يجب تجنبهما في الفلسفة هما العلموية والظلامية، ويعكسان ميولا ضارة داخل كل من الفلسفة التحليلية والقارية، وذلك كما أوضح الصراع بين كارناب وهايدجر على نحو بليغ. وأقترح كبديل لطرفي النقيض هذين «سبيلا ثالثا» بينهما.
وأختتم الكتاب ببعض التأملات حول ما أرى أنه وعد الفلسفة. التقسيمات الحالية في دراسة الفلسفة ناتجة عن وصف ذاتي أكاديمي معين غير مناسب ومذهبي (هل أنت فيلسوف متبع للتقليد التحليلي، أم التقليد ما بعد التحليلي، أم التقليد القاري، أم التقليد الأوروبي الحديث؟) إلى حد كبير، تعد الفلسفة التحليلية والقارية وصفين ذاتيين مذهبيين ناتجين عن إضفاء الطابع الأكاديمي على المجال؛ الأمر الذي في رأيي أدى إلى إضعاف الوظيفة النقدية للفلسفة والتهميش التدريجي لها في حياة الثقافة. ورأيي هو أن الفلسفة يجب أن تكون تعبيرا حيويا عن تلك الحياة.
ثمة ملحوظتان وكلمة شكر قبل أن نبدأ. كان هدفي تقليل الإشارات المرجعية لأقصى حد من أجل التركيز على نقل الأفكار الرئيسية بأكبر قدر ممكن من البساطة؛ وهذا يعني أنني في كثير من المواضع أقتبس أو أستعير حجج وأفكار فلاسفة آخرين، بل وأحيانا بعضا من أفكاري التي نشرتها من قبل. أرى أنه لا ضير في ذلك؛ إذ إن هذا الكتاب موجه للقارئ غير المتخصص المحب للاطلاع. وخصصت قسمي «المراجع» و«قراءات إضافية» في نهاية الكتاب لعرض المصادر التي اعتمدت عليها في تأليف الكتاب وتقديم بعض الاقتراحات بشأن الكتب التي يمكن للقراء الرجوع إليها لمعرفة المزيد عن الموضوعات المعروضة في هذا الكتاب.
لن تجد في هذا الكتاب استعراضا أو ملخصا لجميع المفكرين والتقاليد والحركات الفلسفية التي تشكل ما نعتقد أنه الفلسفة القارية؛ من ثم توجد فجوات كبيرة في تغطيتي لهذا الموضوع. إن مثل هذه الكتب الملخصة متوفرة بالفعل، وبعضها جيد للغاية، ولكن لم يكن في نيتي أن أضيف واحدا إلى قائمتها. بدلا من ذلك، هذا الكتاب عبارة عن تأمل مدعم بالأدلة لطبيعة الفلسفة في التقليد القاري، والأسلوب المستخدم فيه يشبه الأسلوب المستخدم في كتابة مقال، لا كتاب. بعبارة أخرى، ما يلي يمثل وجهة نظر ذاتية للأمور.
كتبت المسودة الأولى لهذا الكتاب بين مارس ومايو من عام 2000، عندما شرفت بالعمل كمحاضر زائر في الفلسفة في جامعة سيدني، ويعتمد النص النهائي للكتاب على الملاحظات التي كتبتها عن محاضراتي هناك. أذكر هذا بسبب الصدفة التالية : في اليوم الذي وصلت فيه إلى سيدني - 1 مارس 2000 - أعيد دمج قسمي الفلسفة «العامة» والفلسفة «التقليدية والحديثة» في جامعة سيدني في قسم واحد للفلسفة بعد 27 عاما من الانفصال. والآن، على الرغم من أن هذا الانفصال - الذي لم يكن يخلو من الحدة كما يبدو؛ الحدة التي لا بد من القول إنها لم تختف دون ترك أثر - ترجع أصوله إلى الخلافات السياسية التي نجمت أساسا عن مشاركة أستراليا في حرب فيتنام في أوائل سبعينيات القرن العشرين، فإنه كان ناتجا أيضا عن خلافات فكرية، أهمها العلاقة بين الفلسفة والسياسة، وخاصة الماركسية والنسوية. وعلى الرغم من أنه ليس من الدقة القول بأن فصل القسمين كان مبررا في سياق التقسيم التحليلي-القاري، فإن هذا الأخير كسا بالتأكيد هذا الفصل بجميع أنواع الطرق السيئة بنحو أو بآخر. وأود أن أشكر أصدقائي وزملائي، وبالطبع طلابي في جامعة سيدني لمساعدتي على إعادة النظر في هذا التقسيم. وأخيرا، لم يكن هذا الكتاب فكرتي، ولكن كان فكرة محررتي الرائعة في مطبعة جامعة أكسفورد: شيلي كوكس. أود أن أشكرها على امتلاكها لمثل هذه الأفكار الرائعة.
الفصل الأول
الفجوة بين المعرفة والحكمة
الفلسفة هي حب الحكمة؛ فإذا كنت تعتقد أنك تحب الحكمة، فإن الفلسفة هي المجال الذي يفترض أن تدرسه. ولكن ما هي الحكمة التي تعلمنا إياها الفلسفة؟ بالنسبة إلى سقراط، وتقريبا كل الفلاسفة القدماء الذين جاءوا من بعده، الحكمة التي تعلمنا إياها الفلسفة تتعلق بما قد يعني عيش حياة بشرية طيبة. وكان بديهيا في معظم الأفكار الفلسفية القديمة أن الحياة البشرية الطيبة تكون أيضا حياة سعيدة. وفي إطار هذا التصور - الذي يوجد تعبير واضح عنه لدى أرسطو، ولكنه يكون مفترضا من قبل المدارس الهلينستية اللاحقة مثل المدرسة الرواقية - فإن الفلسفة تسمح بتحقيق أعلى درجة من السعادة، وهي حياة التأمل الزاهد؛ ومن ثم فإن الفلسفة هي الحياة التأملية، الحياة التي توضع قيد الاختبار والفحص، ويصير الافتراض أن الحياة غير المختبرة لا تستحق أن تعاش. فينبغي أن تشكل الفلسفة البشر، لا أن تعلمهم وتوجههم فحسب.
ولكن يجب ألا ننسى أنه على الرغم من أن الحياة غير المختبرة لا تستحق العيش، فإن الحياة التي لا تعاش لا تستحق التأمل، والفلسفة عند القدماء لم تنفصل عن التقلبات الفعلية التي تحدث في الحياة الاجتماعية اليومية. بل إن الفلسفة باعتبارها ممارسة تأملية لفحص ما يعتقد أنه حقيقة باسم الحقيقة هي شيء كان يحدث فيما سماه الإغريق «الدولة»؛ أي المجال العام للحياة السياسية. فكانت الفلسفة نشاطا «عمليا» بارزا، يختلف على نحو ملحوظ عن الشكل الاستقصائي النظري على نحو كبير الذي أصبحت عليه الفلسفة بداية من القرن السابع عشر.
شكل 1-1: جياسينتو براندي (1621-1691)، «رمزية الفلسفة».
نامعلوم صفحہ