فلسفہ انواع اور مسائل

فؤاد زكريا d. 1431 AH
135

فلسفہ انواع اور مسائل

الفلسفة أنواعها ومشكلاتها

اصناف

مذهب الألوهية الطبيعية والواجب : كان من النتائج الجانبية للنزاع بين أصحاب مذهب الألوهية المفارقة

Theists

وأصحاب مذهب الألوهية الطبيعية

Deists ، في القرن الثامن عشر، أن حاول بعض اللاهوتيين الأكثر تعمقا أن يعدلوا هذا الطابع الاعتباطي للأمر الإلهي، بأن يكشفوا عن الصلة الوثيقة بين الواجب الأخلاقي كما يحدده الوحي وبين الواجب الأخلاقي كما ينادي به ضميرنا الفردي. فقد ذهبوا إلى أن الله لا يقتصر على وضع القانون الأخلاقي في الكون، وإنما هو قد بث في كل نفس قبسا أو صدى لهذا القانون الأخلاقي نفسه. وهكذا فإن إصغاءنا لصوت ضميرنا، أو الالتجاء إلى «النور الواضح للعقل الطبيعي» (وهي عبارة أثيرة لدى مفكري القرن الثامن عشر) يؤدي بنا إلى كشف نفس الأوامر التي وردت إلينا من الكتاب المقدس ومن كتابات آباء الكنيسة. وعلى ذلك فإن الوحي يدعم الضمير، والضمير من جانبه يثبت سلطة الوحي. ومن هنا فإننا نستطيع أن نستدل على واجبنا من مصادر أخرى غير سلطة الكتاب المقدس أو القانون الكنسي وحده. ففي استطاعتنا أن نستدل عليه بالبصيرة الباطنة، وإن كانت هذه البصيرة في حقيقتها لا تعدو أن تكون «تعرفا». فنحن نستمع إلى ما هو واجب علينا من الخارج، عن طريق منبر الكنيسة وغيره من المصادر المألوفة للسلطة الأخلاقية، كما نستطيع أن نستمع إليه من الداخل، عن طريق الصوت الخافت للضمير. وبذلك يمثل هذا المذهب عودا جزئيا إلى الرأي الرواقي في الواجب ومصادره.

الآراء الشعبية في الواجب : طرأ على الأخلاق في القرن الثامن عشر تطور آخر كان له دون شك تأثير شعبي أقوى من ذلك الذي أوضحناه الآن. وكان هذا التطور سهل الفهم، كما هي الحال عادة في الأفكار التي تلقى استجابة شعبية. كذلك فإنه كان يتميز بجاذبية انفعالية تفتقر إليها النظريات اللاهوتية والفلسفية العقلية السائدة في تلك الأيام. هذا الرأي الشعبي كان يقول إن من الممكن معرفة واجباتنا بنور العقل الطبيعي، وأن جزاءها (أي السلطة أو القوة التي تلزم الناس بإطاعتها) ليس إلا المكافآت والعقوبات التي تترتب على إطاعتها أو عصيانها. هذه المكافآت أو العقوبات قد تحدث في هذا العالم أو في العالم الآخر، غير أن ما يحدث منها في العالم الآخر خير وأبقى. وهكذا فإن «الجنة» و«النار» يصبحان في هذا المذهب حافزين لهما أهمية قصوى في السلوك الأخلاقي. وهناك حجة مشهورة على وجود الله، تقول: «لو لم يكن الله موجودا لكان من الضروري ابتداعه» - ونستطيع أن نتصور أنصار هذا الرأي وقد أعادوا صياغة هذه الحجة بحيث تصبح: «لو لم تكن الجنة والنار موجودتين لكان من الضروري ابتداعهما» - وذلك لضمان إقبال الناس على أداء واجباتهم المسيحية.

هذا المذهب يبدو أنه ينطوي ضمنا على الرأي القائل إن الأخلاق هي في أساسها مسألة «انتهازية» (أو «شطارة»)، وأن الأخلاقية ليست إلا «سياسة حكيمة». فلو أردنا اكتساب البركة الإلهية، أو البقاء بمنأى عن المتاعب في هذا العالم وفي العالم الآخر معا، فعيلنا إطاعة أوامر الأخلاق، ولا سيما الأخلاق المسيحية. ومع ذلك فإن هذا الموقف لا يقتصر على المسيحية الشعبية، بل إنه، على العكس من ذلك، قد انتشر على نطاق واسع منذ كانت للناس آلهة يطيعونها أو يسترضونها أو يبتهلون إليها. فقد كانت الأذهان الساذجة تميل دائما إلى أن تجعل من العبادة الدينية نظاما للمقايضة، يعد فيه العبد بعمل شيء للرب؛ أي بطاعته أو التضحية له أو مجرد الاعتراف به - ويتوقع في مقابل ذلك نعما معينة من الرب. وتكشف العقيدة الشعبية اليونانية عن مظاهر متعددة لروح المقايضة هذه، كما أن هناك دلائل كثيرة على أنها كانت جزءا هاما من العبادة الدينية الساذجة منذ العصور السحيقة في القدم. ومن هنا فليس من المستغرب أن يعجز القرن الثامن عشر، بكل ما عرف عنه من معقولية و«تنوير»، عن القضاء على هذا الميل القديم العهد إلى النظر إلى الدين على أنه مساومة بين طرفين. ومن الواضح أن «واجبنا» يغدو في هذه الحالة مجرد أداء الجزء الخاص بنا من الصفقة. وهكذا يعدو الواجب تعاقديا، بدلا من أن يكون اعتباطيا أو عقليا أو حدسيا. (5) فلسفة الواجب عند «كانت»

لا جدال في أن أشهر وأقوى المدافعين عن المذهب الأخلاقي المتركز حول الواجب هو «إمانويل كانت». فلقد كان قدر كبير من تفكيره الأخلاقي ثورة على المذاهب الأخلاقية الانتهازية، ومذاهب «السياسة الحكيمة» التي كان يدعو إليها المفكرون الأخلاقيون في عصره. ومن المؤكد أن جزءا من الصرامة الواضحة التي يتسم بها تفكيره لا بد أن يخفف لو كان المجال يسمح لنا ببيان مدى انحطاط المستوى الذي وصلت إليه بعض هذه المذاهب الانتهازية الخالصة. ومع ذلك فلا بد لنا من الخوض مباشرة في مذهب كانت الأخلاقي؛ إذ إن هذا المذهب هو مصدر الكثير من الأفكار التي ظهرت عن الواجب في القرن التاسع عشر.

لا علاقة بين الميل الطبيعي والأخلاقية : رأى «كانت» أنه لا توجد علاقة بين الميل الطبيعي وبين الأخلاقية. أي إن رغبتنا أو عدم رغبتنا في القيام بعمل معين، لا صلة لها بخيرية هذا الفعل أو أخلاقيته؛ ذلك لأن ما أميل إلى فعله اليوم، قد لا أميل إلى فعله غدا. وفضلا عن ذلك، فالميل دائما مسألة شخصية، وذاتية بحتة. ولكن أساس الأخلاق، في رأي كانت، ينبغي أن يكون موضوعيا شاملا بالمعنى الصحيح. ولا بد أن يتحرر، لا من الغرض أو الهوى الشخصي فحسب، بل من عوارض الزمان والمكان والبيئة الثقافية. فلا بد أن تكون الأخلاق الحقة واحدة في كل ثقافة وكل عصر تاريخي، ولا بد أن تسري بغض النظر عن «الجنس أو المذهب أو العقيدة». ذلك لأنه ما لم يكن «الحق» هو الحق، سواء شئنا أم أبينا - وهنا نصل إلى لب مذهب كانت - وما لم يظل هذا «الحق» موضوعيا ملزما بغض النظر عن أي ميل شخصي، فإن مفهوم الواجب يفقد معناه.

ولقد كان «كانت» صريحا في هذه المسألة كل الصراحة. فهو لا يقتصر على القول إن الميل الطبيعي لا صلة له بالأخلاق أو «الاستقامة»، بل إنه يرى أن الأفعال الوحيدة التي هي أخلاقية بحق هي تلك التي تؤدى عن إحساس بالواجب. على أن من المعترف به أن هذا حكم قاس. ومن المؤكد أن هذه العبارة الواحدة هي أقوى العوامل التي أدت إلى اشتهار كانت بالصرامة الأخلاقية. فهو لا يعني فقط أن الأفعال ينبغي أن تؤدى وفقا لمقتضيات الواجب، بل ينبغي أيضا القيام بها من أجل أداء الواجب ، لا لأي سبب آخر وذلك إذا ما شئنا أن تكون هذه الأفعال أخلاقية بالمعنى الصحيح. ولنقتبس فقرة موجزة من «كانت» توضح رأيه هذا:

إن مساعدة الآخرين حين يستطيع المرء واجب، وهناك إلى جانب ذلك نفوس كثيرة لديها من النزوع إلى التعاطف ما يجعلها، دون أي دافع آخر من الغرور، تجد لذة باطنة في نشر السعادة من حولها، وتغتبط لرضا الآخرين مثلما تغتبط لرضائها الخاص. ومع ذلك فإني أذهب إلى أن أي فعل من هذا النوع، مهما كان قويما محببا إلى النفوس، ليست له مع ذلك قيمة أخلاقية أصيلة. فهو يقف على قدم المساواة مع الميول الأخرى - كالميل إلى التكريم مثلا، وهو الميل الذي لو أتيح له من حسن الحظ ما يجعله يصيب شيئا نافعا قوميا؛ وبالتالي شريفا، لكان يستحق الإطراء والتشجيع، ولكنه لا يستحق الاحترام أو التبجيل؛ إذ إن القاعدة التي يسير عليها تفتقر إلى المضمون الأخلاقي، ألا وهو أداء مثل هذه الأفعال، لا عن ميل، وإنما بحكم الواجب.

نامعلوم صفحہ