إذا ملك لم يكن ذا هبه [١] ... فدعه فدولته ذاهبه
(متقارب) ومما جاء في الحديث النبوي- صلوات الله على صاحبه- «تجاوزوا عن ذنب السخيّ، فإنّ الله آخذ بيده كلّما عثر، وفاتح عليه كلّما افتقر» . وقال عليّ- ﵇ «: الجود حارس الأعراض» . واعلم أنه لم تتضمّن سيرة من حكايات الجود مثل ما نقل عن قان العادل (وهو أوكتاي بن جنكزخان)، فإنه غبّر [٢] في وجوه جميع كرام الملوك.
مناقب تفتق ما رقعتم ... من جود كعب [٣] وسماح حاتم
(رجز) ومن الاتفاقات الحسنة، وجوده في عصر المستنصر باللَّه. وكان المستنصر أكرم من الريح، ولكن أين يقع جوده من جودقان؟ ومن أين للمستنصر [٤] مال يفي بعطايا قان؟.
ومنها الهيبة: وبها يحفظ نظام المملكة، ويحرس من أطماع الرعيّة. وقد كان الملوك يبالغون في إقامة الهيبة والناموس، حتى بارتباط الأسود والفيلة والنمور، وبضرب البوقات الكبار كبوق النفير، والدّباب [٥] والقصع، ورفع السّناجق [٦] وخفق الألوية على رءوسهم. كلّ ذلك لإثبات الهيبة في صدور الرعية، ولإقامة ناموس المملكة. كان عضد الدولة إذا جلس على سريره أحضرت الأسود والفيلة والنمور في السلاسل، وجعلت في حواشي مجلسه، تهويلا بذلك على الناس، وترويعا لهم.
_________
[١] ذا هبة: صاحب عطاء. وفي البيت جناس بديعي واضح.
[٢] غبر في وجوههم: فاقهم وغلبهم، وهنا الغلبة في مجال الكرم.
[٣] كعب: هو كعب بن مامة من أشهر أجواد العرب بعد حاتم الطائي.
[٤] المستنصر: الخليفة العبّاسي قبل الأخير من خلفاء بغداد، عاصر أوكتاي بن جنكيزخان. توفي/ ٦٤٠/. هـ.
[٥] الدّبادب: الطّبول.
[٦] السّناجق: الألوية والرايات
1 / 29