ومضى إلى معمل التحليل مهموما مغتما. وانغرزت الإبرة في كبده مصحوبة بآلام لم يتوقعها.
وفي مساء اليوم التالي ذهب بالنتيجة إلى الطبيب، وقال للطبيب وهو يتفحصها: صارحني بالحقيقة الكاملة إني مستعد لذلك.
فقال الرجل بجدية: هيهات أن يسهل خداعك.
فقال متظاهرا بالبساطة: إذن فهو ما كنا نخشاه؟
أجاب بإيماءة من رأسه فقال المريض: وإذن فلا شفاء ولا دواء، ولكن مجرد مسكنات! - بل يرجى إيقاف الورم، وليس هذا بالإنجاز القليل. - أتنصحني بالسفر إلى الخارج؟ - ما كنت لأتأخر عن اقتراحه عليك لو أفاد.
وتفكر قليلا ثم سأله: هل يمكن أن تحدد لي المدة الباقية من حياتي.
فقال بعجلة: كلا! الأعمار بيد الله وحده. - ولو على وجه التقريب؟ - كلا! كلنا أمام الموت سواء. وقد يسبقك إليه جميع الأصحاء من أصحابك؟
فقال برجاء: جنبني الألم ما استطعت. - هذا متيسر.
بين يوم وليلة، بل في غمضة عين، مذهل حقا مذهل، خاطب نفسه بقوة: «حذار من الانهيار». وقال لها أيضا: «سلمي بهذا الواقع كأي واقع آخر». ومن أول لحظة قال له عقله كلاما مليحا، ولكنه لم يستطع أن يخلصه من قبضة الهزيمة والخوف والأسى. وقال له صديق: ليتك تستطيع أن تتناسى الموضوع.
فقال: هذا ما أحاوله؛ وإلا فلن أنجز شيئا.
نامعلوم صفحہ