فقالت بثقة باسمة: أجل. - حقا؟ - تبخرت المشكلة وانحلت العقدة، هبط حل بارع من السماء! - ماذا عندك؟
فقالت بانفعال لم تستطع كبحه: اسمع، رجل أعمال عرض على أبي التنازل له عن دكانه نظير مبلغ خمسين ألفا من الجنيهات.
انعقد لسانه من طغيان الفرح. الخبر في ذاته خبر من الأخبار المتداولة في تلك الأيام، ولكنه لم يتصور أن يطرق بابه واقعا حيا. - أرأيت يا عزيزي كيف تحل العقد بالسحر؟! - حكاية لا تصدق. - هي الحقيقة، وبعض زبائن أبي قدموا له نصائح ثمينة. - مثال ذلك؟ - أن يهجر حرفته ويعمل بالاستيراد، ودلوه على الطريق لفتح مكتب ... - استثمار وثراء مضاعف.
فنقرت على ظهر يده بأظافرها الأرجوانية، وقالت: أبي يجهل اللغات الأجنبية، سيسافر كثيرا، أقترح أن نستقيل من بطالتنا المقنعة وأن نعمل في مكتبه بمرتب حسن، ونسبة في الأرباح.
ضحك، ولبثت أساريره ضاحكة، ونسي هموم العمر كله، وقال: دخل خيالي. - وتلاشت المشكلات دفعة واحدة.
ونظرت إليه باسمة، وكأنما تدعوه لإعلان موافقته وشكره، فقال: توفيق ما بعده توفيق.
وتاه في الحلم تحت مراقبة عينيها، مورد الخدين من الفرح غائصا في لجة من الخواطر، ومسح بيده على شعر رأسه الغزير، وتنفس بعمق ثم قال، وكأنما يحاور نفسه: سنصبح منهم!
من تعني؟ - أنت تعرفين ما أعني تماما.
الماضي لا يمكن أن ينسى. إنه ماض حاضر، تجسد في حوار متواصل. انهال بألسنته المحمومة على الانحرافات والطفيليين من منطلق مثالية ناصعة، بل انتماء لا يخلو من تطرف. لكنها قالت: الصفقة مشروعة ولا غبار عليها. - أسلم بهذا، ولكنا لم نعفها من نقدنا المر.
فقالت محتجة: لا بد أن نفرق بين ما هو شرعي وما هو منحرف. - معك الحق. ولكن أصحابنا سيسخرون منا. - فليسخروا ما شاءوا، المهم أن عملنا لا غبار عليه. - العمل لا غبار عليه. - من منهم يعرض عن فرصة مماثلة إذا منحت له؟ - لا أحد فيما أتصور. - فلا يوجد سبب واحد يدعو للتردد. - هذا حق، المسألة ...
نامعلوم صفحہ