توسّمته لمّا رأيت مهابة ... عليه وقلت المرء من آل هاشم
وإلا فمن آل المرار فإنهم ... ملوك عظام من ملوك «١» أعاظم
فقمت إلى عنز بقيّة أعنز ... فأذبحها «٢» فعل امرئ غير نادم
فعوّضنى منها غناى ولم تكن ... تساوى قليلا من قليل الدّراهم
فقلت لعرسى فى الخلاء وصبيتى ... أحقّا أرى أم تلك أحلام نائم
فقالوا جميعا: لا بل الحقّ هذه ... تخبّ به «٣» الركبان وسط المواسم
بخمس مئين من دنانير عوّضت ... من العنز ما جادت به كفّ حاتم
فضحك عبيد الله وقال: لما أعطيتنا أكثر مما أخذت، يا غلام أعطه مثلها. فبلغت فعلته معاوية فقال: لله درّ عبيد الله! من أىّ بيضة خرج؟ وفى أىّ عش درج؟
هذه لعمرى من فعلاته.
ويروى من غير وجه: أن عبد الله بن جعفر- وكان من الأجواد المتقدّمين- خرج يريد الشأم، فألجأه المطر إلى أبيات، فإذا قبّة حمراء بفنائها رجل ينادى:
الذّرى «٤» الذّرى! فأنحنا وحطّ عن رواحلنا، ثم أتى بجزور فنحرها، فبتنا فى شواء وقدير، وتحدّث معنا هنيهة من الليل، ثم انصرف وأتى بجزور فنحرها، فقلنا له:
يرحمك الله! ما تريد بهذا وقد فضل ما فيه كفاية؟ فقال: كلوا رحمكم الله! فإنا لا نطعم الضيف غابّا. قال عبد الله: فدعوت بثوب وجعلت فيه زعفرانا وصررت فى كل طرف منه مائتى دينار، ثم بعثت به إلى أهله فقالوا: إنا لا نقدر على أخذه إلا بإذنه، وسألته أن يقبله فأبى، فلما ارتحلنا [و] ودّعته أمرت بالثوب،
1 / 32