أمُرُّ عَلَى الدِّيَارِ دِيَارِ لَيلَى ... أُقَبِّلُ ذَا الجِدَارَ وذَا الجِدَارَ
وَمَا حُبُّ الدِّيَارِ شَغَفْنَ قَلبِي ... وَلَكِنْ حُبُّ مَنْ سَكَنَ الدِّيَارَ
فالناظمُ ﵀ يقول أيضًا: دع عنك النَّوحَ والبكاءَ على مَنْ تعلَّق قلبُك بها، وكَنَّى عن جِنْسِ المرأة بـ «سُعْدَى».
ثم قال: «إِنَّمَا تَذْكَارُ سُعْدَى شُغْلُ مَنْ لم يَسْعَدِ» يعني: أن الاشتغال بتذكر الجَمَال، وتذكر الحُبِّ، وتذكر المتعة، هذا كلُّه شُغْلُ مَن لم يَسْعَد السعادةَ الحقيقيَّة، فتضيع عليه أوقاتُه بهذه الذِّكرَيَات الذاهبة الضائعةِ، فيبقى قلبُه يطوف في مواطن ومحاسن من فُتِنَ بهنَّ من النِّسَاء وفي محاسِنِهِنَّ.
وقوله: «مَنْ لَمْ يَسْعَدِ» أصله: «مَنْ لَمْ يَسْعَدْ» بجزم الفعل المضارع، ولكن وقع الكسر من أجل القافية.
قال الناظمُ ﵀:
٣. وَاسمَعْ مَقَالِي إِنْ أَرَدْتَ تَخَلُّصًَا ... يَومَ الحِسَابِ وَخُذْ بِهَذَا تَهْتَدِي
بدأ الناظمُ ﵀ بتقديم النصائح لقارئ هذه المنظومة فقال: «وَاسمَعْ مَقَالِي» أي: اسمع سَمَاعَ قَبُولٍ واستجابةٍ لما سأقوله وأُبَيِّنُه لك.
قوله: «إِنْ أَرَدْتَ تَخَلُّصًَا يَومَ الحِسَابِ» أي: إن أردت النجاة يوم الحساب من العذاب، ومن شدائد يوم القيامة فاسمع مقالي وأصغ لما سأقوله لك.
وقوله: «وَخُذْ بِهَذَا تَهْتَدِي» وفي نسخة: «وَخُذْ بِهَدْيِي تَهْتَدِي» وكلٌّ منهما له وجهٌ، فنسخة: «خُذْ بِهَذَا» يعني: خذ بهذا القول الذي سأقوله لك في هذه المنظومة، وأمَّا نسخة: «خُذْ بِهَدْيِي» يعني: خُذْ بما