Explanation of the Creed Poem
شرح منظومة الإيمان
اصناف
الأول: أن انقيادَ القلب يستلزم انقياد الجوارح ولا بد، إذ يمتنع أن يكون القلب عامرا بالطاعة والمحبة والإذعان والرضا ولا يظهر لذلك أثر على الجوارح. يقول ابن أبي العز الحنفي: " ولا شك أنه يلزم من عدم طاعة الجوارح عدم طاعة القلب، إذ لو أطاع القلب وانقاد، لأطاعت الجوارح وانقادت، فمن صلح قلبه صلح جسده قطعا، بخلاف العكس" (١) .
الثاني: أن من يقر بأن أعمال القلوب داخلة في مسمى الإيمان، يكون قد أقر بالحقيقة المركبة للإيمان، وأنه ليس شيئا واحدا لا يتركب ولا يتعدد، كما يزعمه المرجئة والخوارج. فيلزمه حينئذ أن يُدخل أعمال الجوارح أيضا. يقول ابن تيمية ﵀: " ... لكنهم إذا لم يدخلوا أعمال القلوب في الإيمان لزمهم قول جهم، وإن أدخلوها في الإيمان لزمهم دخول أعمال الجوارح أيضا" (٢) .
د- أعمال الجوارح الظاهرة:
قلت في النظم:
ثم الذي تظهره الجوارح
مثل الذي تضمره الجوانح
يدخل في حقيقة الإيمان
في المذهب الجلي ذي الرجحان
كالذكر والصلاة والقتال
وترك ما يشين بامتثال
الشرح:
(ثم الذي تُظهره الجوارح) وهي الأعضاءُ كما سبق ذكره، والمقصود أعمال الجوارح الظاهرة وهي الركن الرابع من أركان الإيمان (مثل الذي تضمره) وتخفيه (الجوانح) جمع جانحة، وهي الضلوع تحت الترائب مما يلي الصدر، قاله في القاموس (٣)، والمقصودُ أعمال القلوب الباطنة التي سبق شرحها (يدخل في حقيقة الإيمان) الشرعي وذلك (في المذهب الجَليِّ) الواضح (ذي الرجحان) على غيره من المذاهب والأقوال، بل هو المذهب الذي لا ينبغي القول بغيره، ولا العدول عنه لأنه الحق الذي لا محيص عنه، وكيف لا يكون كذلك وهو مذهب أهل السنة، وقول سلف الأمة، وأدلَّتُه أظهرُ من أشعة الجَوْناء في كبد السماء!!
(١) - شرح الطحاوية: ٣٤١. (٢) - مجموع الفتاوى: ٧/١٩٤. (٣) - القاموس المحيط: ١٩٦.
1 / 45